كل من تابع كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتابع لغة جسد جلالته، تأكد بأن جلالته كان يتكلم بحزم، ويؤكد قناعات مطلقة، عبر من خلالها جلالته عن ضمير شعوب منطقتنا على وجه الخصوص، وعن ضمير شعوب العالم على وجه العموم، كما كان جلالته يتحدث بلسان احرار العالم، الحريصين على ان يسود العدل والاستقرار عالمنا.
اول المواقف الحازمة التي اكدها جلالته ، هي الحرص على امننا واستقرارنا الوطني، والإصرار على حمايتهما من اي خطر اوتهديد قد يواجههما ، مع التأكيد على مضي الاردن بالقيام بواجباته الإنسانية، خاصة نحو اللاجئين، الذي بلغ عددهم في الأردن ثلث سكانه، وهو دور يقوم به الأردن رغم شح موارده، وخاصة المياة، حيث يصنف الأردن واحدة من اكثر دول العالم شحا بالمياه.ونع ذلك فإنه يتقاسم شربة الماء مع من لاجئوا اليه، مع تكرار دعوة جلالته للدول المانحة على ضرورة القيام بواجباتها نحو اللاجئين، وكذلك ضرورة استمرار الأمم المتحدة، ووكلاتها المتخصصة،بالقيام بواجباتها، خاصة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين 'الاونروا'، التي يجب أن يظل علمها مرفوعا على مدارس اللاجئين، حتى لا تستبدل اعلام أخرى، تمثل التطرف، والتطرف كما هو معروف هو الأرضية الخصبة للارهاب ، محذرا جلالته بل ومنذرا بأن الغرب لن يظل بعيدا عن موجات المهاجرين التي تسعى للوصول إليه، حتى بالطرق المشروعة التي ستستمر، بالرغم من النهايات المأسوية للكثير منها، وبالرغم من كل الاحتياطات التي تتخذها الدول الغربية لمنع وصول اللاجئين إليها، في ممارسة بها الكثير من أنانية هذه الدول وتنصلها من مسؤوليتها الإنسانية، بالرغم من انها تتحمل الكثير من مسؤولية إيجاد الظروف التي تدفع هؤلاء اللاجئين للخروج من بلادهم، والتي لاحل لمشاكلهم الا بالعودة لبلادهم، من خلال حل مشاكل هذه البلاد، وفي طليعتها سوريا، التي أكد جلالته على حل ازمتها على قاعدة الخطوة مقابل خطوة.
وبمثل الحزم والوضوح الذي تكلم به جلالته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، عن اصرار الأردن عن امنه واستقراره، تحدت جلالته عن حق الشعب الفلسطيني بنيل حريته وحقوقه المشروعة، واولها قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ولا غرابة في ذلك فما زال جلالته الزعيم الوحيد الذي يحمل هم قضية فلسطين في قلبه وعلى كاهليه، لارتباطها بالأمن الوطني الأردني، وانطلاقا من المسؤولية الهاشمية عن فلسطين، والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية و المسيحية في القدس. والطبيعة العلاقات المتشابكة أرضا واسكانا وتاريخا بين الأردن وفلسطين، مؤكدا جلالته على ضرورة تبديد الضبابية التي تحيط بقضية فلسطين، من خلال تطبيق العدالة العالمية ودورها في إيقاف بناء المستوطنات، ووقف اضطهاد الفلسطينين الذي وصل حد تقيد حرية حركتهم داخل مدنهم وقراهم، مما يوجب على الأمم المتحدة القيام بواجباتها نحو الفلسطينين، من خلال تطبيق قراراتها على الاقل، فليس من المعقول انه على امتداد خمس وسبعين سنة من عمر قضية فلسطين، لا ينفذ قرارا من قرارات الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين، بينما عمدت بعض الدول الكبرى، المسؤولة عن إيجاد هذه القضية وإستمرارها، إلى تحريك جيوشها لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، في مناطق أخرى، خاصة في بلادنا العربية.
خلاصة القول هي هذة القضية، ان جلالته وضع النقاط على الحروف في الكثير من القضايا، وكانت كلماته إنذار ملكي من سؤ العواقب ان ظل المجتمع الدولي في حالة تراخي عن مواجهة التحديات التي تواجه، وفي طليعتها قضية فلسطين وقضايا اللاجئين.