أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

أبو صطيف


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

أبو صطيف

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
لو أن «أبو صطيف» يكتب؟ لكنه للأسف قرر أن يجلس في منزله بمأدبا, ويعتزل الكثير من الأصدقاء.. «أبو صطيف» هو مصطفى حمارنة بالطبع.
ظلوا دائما يعيبون على مصطفى حمارنة أنه يمتلك علاقات جيدة مع الأمريكان, ويحيطونه بوابل من الهجوم والإتهامية, حتى أنا وقعت ضحية هذه الفتوى, لكن تبين فيما بعد.. أنهم تمنوا لو يمتلكون ذات العلاقات أو نصف التي يمتلكها مصطفى, تمنوا لو أنهم على الأقل يمتلكون لغته ورصانته وقدرته على سرد التاريخ الصحيح, وقوة شخصيته.
مشكلة مصطفى الحمارنة, أنه أستاذ التاريخ الذي لا يحب الكتابة, ظل منشغلا في التصريحات فقط ولم يفكر بكتابة مقال واحد, لكنه أول من أسس مركز دراسات استراتيجي حقيقي, وهو أول من قدم رؤيته في الواقع الاجتماعي والاقتصادي للدولة, وهو الطاهي الماهر.. وهو الأكثر كرما ومن يجرؤ أن يضاهي مصطفى حمارنة في كرمه؟
حين يتحدث مصطفى حمارنة كانوا يهاجمونه, على الأقل هو ابن عميد في الجيش ووالده لم يكن بالعسكري العادي بل كان مؤلفا وكاتبا, غادر الحياة وترك خلفه مجموعة من المؤلفات.. ومواقف عسكرية محترمة, يسردها رفاق سلاحه بكثير من الفخر.. وترك خلفه الشكيمة والصلف والقوة.
حين تخلو الساحة من الليبراليين والوطنيين الذين يمتلكون العمق.. الذين يقدمون مشروعهم بناء على تاريخ اجتماعي يمتلكونه في الدولة, وبناء على عبقرية أكاديمية اعترف بها الغرب قبلنا وبناء على عمل طويل في بيروقراط الدولة, حتما يتسلل البعض لتحريف هذا التاريخ.. وأنا لا أعرف لماذا يعكف مصطفى الحمارنة الآن على الانزواء, والاكتفاء بمهاتفة الأصدقاء... لو أنه قرر أن يكتب مقالا واحدا فقط لفتحت له الصحف بواباتها, ربما هو الزهد الأكاديمي.. أو الصمت المبرر, أنا شخصيا لا أعرف.
مصطفى (متأمرك) قالوا عنه, وقالوا عنه أيضا أن مصطفى يحمل وجهة النظر الأميركية ويرددها أينما ذهب, قالوا عنه الذي لم يقل... لكني في حياتي لم أستمع لرجل يقدم سردا للتاريخ الاجتماعي ودور العشيرة في الدولة, وتطور واستقرار المجتمعات الفلاحية في الأردن مثل السرد الذي يقدمه مصطفى... ولم أشاهد تجليات الهوية الوطنية المتنورة وليست المغلقة, مثل التي تظهر في شخصية مصطفى.
على كل حال أنا افتقد مصطفى الحمارنة, الذي إن تحدث لاذ (العويده) بالصمت... والذي ظل رجلا على خط العمر بالرغم من كثرة الحراب, وكثرة الناكرين.. كم مد يده لجيل من الشباب وكم مد النكران بالمقابل يده... ومع ذلك تقبل المشهد وعبر.
مصطفى فقط وددت أن أذكرك, بأن بوحك يبقى صادقا حين يكذب البعض.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ