أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات شهادة مناسبات جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

هل 'يغامر' أردوغان.. بـ'الانفصال' عن الاتحاد الأُوروبي؟


محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo

هل 'يغامر' أردوغان.. بـ'الانفصال' عن الاتحاد الأُوروبي؟

محمد خروب
محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
يعكس التهديد الغاضب الذي أطلقه الرئيس التركي/أردوغان بشأن الموقف الأوروبي «الجديد» الذي اقترح على أنقرة البدء بعملية إيجاد «إطار مُوازٍ وواقعي", يُغطي المصالح المُتبادلة لمستقبل العلاقات بين الاتحاد وتركيا (أي إلغاء مسار العضوية واستبداله بالصيغة الجديدة), مدى الخيبة والشعور بالخذلان لدى أردوغان, الذي كان بث لشعبه آمالاً كبيرة بعد قمة الناتو التي عقدت في العاصمة الليتوانية/ تموز الماضي، ليس فقط بعد موافقته على انضمام السويد لعضوية الناتو (رابطاً ذلك بموافقة البرلمان التركي في الخريف المقبل), بل خصوصاً في الإتكاء على تصريح «عابر» من الرئيس الأميركي بايدن, الذي أعاد فيه «التذكير» بدوره «المحوري» في الضغط على الاتحاد الأوروبي, لقبول عضوية تركيا وذلك في عهد إدارة بيل كلينتون.
تصريحات أردوغان باستعداد بلاده «الانفصال» عن الاتحاد الأوروبي لم تأتِ من فراغ، بل جاءت إثر صدور تقرير عن البرلمان الأوروبي, تضمن انتقادات لاذعة لأنقرة في ملفات عديدة حملت من بين أمور أخرى, رفضاً واضحاً وإغلاقاً لباب العضوية أمام أنقرة, التي وقفت على باب الاتحاد طالبة عضويته عندما كان يحمل اسم «السوق الأوروبية المشتركة» في العام 1963، ما دفع أردوغان للتلويح بقطع العلاقات «نهائياً» مع الاتحاد، وإن كان لم يذهب بعيداً في «تحديد» موعد للقطيعة التي هدد بها، ربما في انتظار ما ستسفر عنه لقاءاته في نيويورك على هامش الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وما «قد» يبديه بايدن من استعداد لممارسة ضغوط على قادة الاتحاد الأوروبي. علماً أن بايدن ذاته لم يفِ بالوعود التي بذلها لأردوغان في ما خصّ صفقة طائرات F-16 الحديثة لتركيا.
وبصرف النظر عمّا إذا إندرج التقرير الذي صدر في إطار «توصية», لكل من المجلس الأوروبي والقمة الأوروبية التي ستعقد الشهر الأخير من العام الجاري, وما إذا كان تقرير المجلس الأوروبي عن تركيا الذي سيصدر نهاية الشهر المقبل، سيمنح الرئيس التركي «فرصة» أخرى لتحديد موقف بلاده, وما إذا كان سيمضي قدماً في تنفيذ تهديده بقطع علاقاته «نهائياً» مع الاتحاد، أم أن تقرير الشهر المقبل الذي سيُصدره رسمياً المجلس الأوروبي سيُبقي الباب «مُوارِباً» أمام أنقرة، فإن الأخيرة ما تزال تتوفر على «أوراق» عديدة يمكن أن (تُساوم) بها الاتحاد الأوروبي (كما واشنطن). سواء في ما يتعلق بالحرب الأوكرانية حيث يتماهى نسبياً موقف أنقرة مع المواقف الأوروبية والأميركية, بعدم الاعتراف بضمّ شبه جزيرة القرم لروسيا, وتقديمه مساعدات عسكرية لكييف (مسيرات بيروقدار), فضلاً عن تأكيد أردوغان عدم المس بحدود أوكرانيا كما هي عام/1991, أم خصوصاً في دوره بصفقة الحبوب وعلاقات أردوغان كـ(رئيس لدولة أطلسية) مع الرئيس الروسي/بوتين، وهو دور ما تزال واشنطن تقبل به, وترى فيه «كوّة» يمكن عبرها لاحقاً فتح مسار «تفاوضي» مع موسكو. فضلاً عن أن ذلك سيكبح أردوغان من التوجه شرقاً, إن بالالتحاق بمنظمة شنغهاي للتعاون, بما هي منظمة دولية سياسية واقتصادية وأمنية أُراسية, أم باتجاه مجموعة دول «بريكس», وهي ورقة قد يلوح بها أردوغان كمناورة, أكثر مما يُبدي جدية في هذا الاتجاه, خاصة في وقت يُكرس فيه جهوده لإحياء «العالَم التركي», عبر تثبيت حضور أنقرة في جمهوريات آسيا الوسطى/السوفياتية السابقة, ذات الجذور التركية «كما يقول» انطلاقاً بالطبع من أذربيجان, حيث يتحالف مع الأخيرة بخاصة بعد دعمه حربها على أرمينيا, وما قد تحاول باكو إدخاله من «تعديلات» حدودية جوهرية, تُغلق فيها الباب أمام إيران باتجاه أوروبا، طهران التي أعلنت بحزم وصرامة أنها «لن» تسمح أبداً, بأي تعديلات على الحدود والممرات الحالية في جنوب القوقاز.
في الخلاصة.. انطوى التقرير الأخير الذي تبنّاه البرلمان الأوروبي الأربعاء الماضي, على انتقادات لاذعة وقاسية لأنقرة, خاصة دعوته التركيز على «التعاون» بدلاً من «مساعي العضوية» هو ما زاد من غضب أردوغان. إذ لفتَ/التقرير إلى أن عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي «لا يمكن استئنافها في ظل الظروف الحالية»، ناهيك عن دعوته أنقرة «إلى الامتثال بنسبة 100% لسياسة الاتحاد الأوروبي تجاه روسيا والعقوبات عليها». وإن كان التقرير «رحّب» بإدانة تركيا للحرب في أوكرانيا والتزامها سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، فضلاً عن مطالبته تركيا بالموافقة على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي (في أسرع وقت ممكن)»..
صياغة أوروبية فوقية ومتغطرسة خاصة تجاه دولة ليست عضواً في الاتحاد، ما يعني من بين أمور أخرى, أن ثمة إصراراً أوروبياً تدعمه أغلبية وازنة داخل الاتحاد وبرلمانه, لا تريد لأنقرة أن تكون عضواً في نادٍ للرجل الأبيض «المتفوّق والإستثنائي»!!، ما يضع الرئيس التركي أمام مأزق كبير, أنه يصعب التكهن بالخطوة التالية التي سيقرّرها عند صدور «البيان الرسمي» للمجلس الأوروبي... نهاية الشهر المقبل.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ