انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

ترجمات


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

ترجمات

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/09/18 الساعة 02:26
أتابع الأفلام الأجنبية كثيرا، كم نختلف عنهم.. أمس وأنا أشاهد فيلما, كان المشهد يتحدث عن عودة (جيفري) للمنزل, قال لوالده لحظة دخوله: لقد عدت يا أبي... فكان رد والده: العشاء على الطاولة, رد جيفري بالقول: لا أشعر بالجوع يا أبي شكرا, سأخلد للنوم تصبح على خير.
حين كنت في عمر جيفري أتذكر لحظة دخولي المنزل على أصابع قدمي, كان يأتي صوت أبي من فوق: (وين داير لنصاص الليالي)؟...أحيانا كان يقول: (هي إجا الهامل)...وثمة شتائم أخرى كانت تنطلق لكنها في الغالب معتادة.
هل الأفلام تنقل واقعهم حقيقة؟ عشت فترة من حياتي في بريطانيا, أظن أن أفلاهم التي تتحدث عن واقعهم الإجتماعي تنقل الصورة بحذافيرها, ما زلت أتذكر مشهدا من فيلم بريطاني أيضا يتحدث عن سقوط (بيتر) على الدرج.. الأم لم تصرخ قالت: اوه يا إلهي هل أنت بخير.. كانت الترجمة حرفية, وقد التقطتها... ثم تقدمت الأم للإطمئنان على بيتر, أنا في طفولتي مررت بنفس ما حدث مع بيتر.. أتذكر أني سقطت عن الأدراج.. كانت ردة الفعل مخالفة, قيل لي: (فعلا انك حمار)..
لاحظوا مشاهد الدخول للمطبخ, فحين يدخل أحد الأبناء المطبخ يسأل والده: (هل تحتاج كوبا من القهوة يا أبي؟) فيجيب الأب: كلا يا دوغلاس أشكرك... أنا لم أدخل المطبخ في طفولتي إلا وداهموني بجملة: (اطفي الكهربا وراك.. تطفي حسك) أو مثلا جملة (ع شو بتتخمخم في المطبخ).
حتى مشاهد التدخين لديهم محترمة, وهي لا تنقل تمثيلا لمشهد بل تنقل الواقع الحقيقي لحياة الأمريكي.. فذات مرة وفي فيلم (لبراد بيت), قال لزوجته أريد أن أخرج لاستنشاق الهواء قليلا, لكنه كان يريد تدخين سيجارة... عرفت الزوجة بذلك واعتبرت الأمر كارثيا حين همست له خوفا من أن يسمع الأولاد كلامها: ألم تعدني بترك التدخين؟... هناك يعتبرون التدخين نوعا من العيب الإجتماعي.
أتذكر في ليالي الشتاء, دخلت يوما إلى غرفة التلفاز, كان (غليون) جدتي.. أشبه بمدخة القطار, وأبي كان يدخن.. الجميع كان منهمكا في نوبة تدخين, شعرت أن الغرفة تحتوي على (محرك ديزل مفرهل).. من كثر الدخان..
حتى حفلات التخريج لديهم تحتوي على العناق والقبل وبعض الدموع, أنا اتذكر حينما تخرجت من الجامعة.... وأحضرت الشهادة, هنا كانت بداية المعاناة..
كل الأحلام التي ضاعت مني ومن الجيل الذي أمثلة, كلها نجدها في ترجمات الأفلام الأجنبية.. صرت أعشق الترجمات وأردد الجمل أحيانا, أنا لا أنكر أننا شعب لديه عاطفة ولديه حب.. ولكن ما زالت جملة: (وين داير في نصاص الليالي) تطاردني.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/09/18 الساعة 02:26