ان العلاقة بين المملكتين والاسرتين الحاكمتين والشعبين الشقيقين علاقات متجذرة واصيلة من لدن عهد مؤسسي البلدين جلالة المغفور له الملك عبدالله الاول بن الحسين واخيه جلالة الملك عبد العزيز آل سعود، كما انها علاقات مميزة جمعت بين مملكتين توأمتين متجاورتين تحملان ذات الهوية والجذور والتاريخ والقيم، تماما كما تحملان لواء الوسطية والاعتدال في نهجهما السياسي القائم على الحكمة ومصالحهما العليا الواحدة، اذ ان كل واحد منهما يرى في الآخر عمقه الاستراتيجي، فهي بالتالي علاقات قائمة على قاعدة صلبة ، قوامها وحدة الموقف ووحدة المصير والهوية والامن الوطني المشترك .
وفي هذا الاطار ترسخت العلاقات وتوثقت حتى وقتنا هذا برعاية وعناية فائقة من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وجلالة اخيه الملك سلمان حفظهما الله واسبغ عليهما من فضله، فالشعبين الشقيقين يرى كل واحد منهما انه اصل وامتداد للآخر، الامر الذي عزز اواصر المحبة والقربى والنسب، فالأردن يعتبر المقصد الاول للسياحة السعودية سواء اكانت دراسية او علاجية او استثمارية او استجماميه ، الامر الذي رفد تدفق الاموال وساهم مساهمة فاعلة في تطوره وازدهاره، كما ان الجارة العزيزة وفرت مئات الآلاف من فرص العمل للأردنيين من اصحاب الكفاءات مما ساهم في رفعت الاردن وازدهاره الامر الذي يقود الى السعي لتعزيز هذه العلاقة وتقوية أواصرها وتذليل كآفة العقبات التي تعترضها.
وان كنت ارى جازماً ان الحكومة وبتوجيه من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم وولي عهده الامين، تعمل على تمتين العلاقات الاردنية السعودية وفي كآفة المجالات للحفاظ على ديمومة اواصر المحبة من خلال التعاون مع الجانب السعودي لحل وتذليل كآفة الصعوبات والعقبات التي تعترض المسيرة بما ينعكس ايجاباً على الشعبين الشقيقين ، الا ان الامر لا يخلو من بعض الاشكاليات والعقبات التي تبرز بين الحين والاخر، فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك مشكلة قديمة جديدة عصية على الحل، تتمثل في تعرض مركبات الاخوة الزوار القادمين من دول الخليج العربي وعلى الخصوص من المملكة العربية السعودية للسرقة، وبعد ابلاغ الأجهزة الامنية التي تتخذ الإجراءات التحقيقية وتحيل الى القضية للمدعي العام الذي بدوره يفتح تحقيقاً خاصاً بالقضية وبنهاية المطاف يتم حفظ القضية في الكثير من الحالات لعدم توصل التحقيق للفاعل، وصاحب العلاقة المشتكي لا يملك في هذه الحالة الا العودة الى بلده، الا ان المشكلة تثور لاحقا اذا رغب هذا الشخص في العودة الى الاردن ليفاجئ انه مطلوب على خلفية قضية جمركية ، وغرامات مالية ضخمة بتهم التهريب الجمركي لمركبته التي سبق وان سرقت سابقاً في الاردن، لان هذه المركبة دخلت اصولياً الى البلاد ولم تخرج منها حسب سجلات وقيود دائرة الجمارك العامة ، الامر الذي يؤدي من حيث النتيجة اذا كان المواطن السعودي موجوداً في الاردن فأنه يمنع من السفر والعودة الى بلده الا بعد تسديد كآفة الرسوم والغرامات المطلوبة منه لدائرة الجمارك، اما ان كان في بلده ورغب بزيارة الاردن مرة ثانية فأنه لا يستطيع بسبب القضية الجمركية والرسوم والغرامات المطالب بها، مما يحرم المواطن السعودي من القدوم الى الاردن ويفوت على الاقتصاد الاردني اموالاً كان من المفترض انفاقها في الاردن، سيما اذا اخذ بعين الاعتبار ان اعداد هذه القضايا بالمئات ، ولعل المثير في الامران ضحايا السيارات المسروقة من اخوتنا السعوديين اصبحوا مجرمين لسبب لا علاقة لهم به.
وبرجوعنا الى احكام قانون الجمارك للوقوف على اصل المشكلة نجد ان المادة 215 منه والتي جاء فيها انه يعفى من المسؤولية المدنية في جرائم التهريب الجمركي من اثبت انه كان ضحية لقوة قاهرة ، وكذلك من اثبت انه لم يقدم على ارتكاب فعل من الافعال التي كونت المخالفة او جريمة التهريب الجمركي، او تسبب في وقوعها، او ادت الى ارتكابها، وبرجوعنا الى احكام القضاء الاردني للوقوف على تفسير هذا النص نجد انه قد استقر على اعتبار السرقة ليست من قبيل القوة القاهرة سيما انه يمكن دفعها بالحراسة ، الامر الذي من حيث النتيجة يؤدي الى ادانة اصحاب السيارات المسروقة بجرم التهريب ، وهنا يثور التساؤل كيف لمواطن ضيف قدم الى بلدنا الموصوف بالأمن والامان ان يحرس سيارته، ثم على من تقع مسؤوليه الحراسة في حال ان أمن مركبته واتخذ كآفة الاحتياطات اللازمة لذلك وتم سرقتها ؟
وللإنصاف فأنني ارى ان اعتبار السرقة قوة قاهرة لغايات تطبيق قانون الجمارك سيفتح الباب على مصراعيه لحدوث تواطئ من قبل مالك المركبة لإتمام جرم التهريب، الا انه يجب ان لا يطلق هذا المفهوم على عواهنه ، والاصل ان تؤخذ كل واقعة سرقة حسب ظروفها بعد تحقيق متخصص للوصول الى ان السرقة قوة قاهرة من عدمه، ومن الضرورة بمكان ان يتم التنسيق المستمر بخصوص هذا الملف ما بين الامن العام ودائرة الجمارك والنيابة العامة العامة، فاذا ثبت بعد التحقيق ان لا يد لمالك المركبة في سرقتها يصار الى منع محاكمته من قبل النيابة العامة الجمركية ، وبالتالي يصار الى اعفائه من المسؤولية المدنية عن جرم التهريب للحد من تداعيات هذه المشكلة، اما المركبات التي سجلت بها قضايا سابقه وصدرت بها احكام قطعية، فان من صلاحية مجلس الوزراء صاحب الولاية العامة اصدار القرارات اللازمة للحد من الاضرار التي لحقت بأصحاب المركبات المسروقة ومنها المطالبة بالرسوم والغرامات الجمركية عن مركباتهم التي سبق وان سرقت ولم تغادر الاراضي الاردنية اصولياً، علما ان جميع هذه الحالات مرصوده وموثقه بقيود دائرة الجمارك، الامر الذي يستدعي الدفع بكافة الجهود لتذليل كافة الصعاب وبالأخص هذه الاشكالية التي تعترض قدوم اخوتنا من المملكة العربية السعودية الى بلدهم الثاني الذي يرحب بهم ايما ترحيب، فأهلا وسهلا بهم اخوة اعزاء كرماء، لهم كل الاحترام والمحبة والتقدير.