أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات وفيات جامعات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

هل نحن بحاجة إلى تشكيل هيئة للسياسات الخارجية؟


م. مهند عباس حدادين
خبير ومحلل استراتيجي في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا

هل نحن بحاجة إلى تشكيل هيئة للسياسات الخارجية؟

م. مهند عباس حدادين
م. مهند عباس حدادين
خبير ومحلل استراتيجي في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
ما يشهده العالم اليوم من أحداث ومتغيرات متسارعة سياسية وإقتصادية, ومن تحالفات جديدة إقليمية ودولية، وما مر بهذا العالم من متغيرات متشابكة ومعقدة, تجعلنا نعيد حساباتنا من جديد, لقراءة المشهد الإقليمي والعالمي بطريقة أفضل وبصورة أوضح, تعود بالفائدة علينا وخصوصاً من الناحية الإقتصادية التي هي المعضلة الأساسية أمامنا في الوقت الحاضر, فكما نعلم أن السياسة والاقتصاد توأمان لا ينفصلان عن بعضهما البعض, وكل منهما يتكامل مع الآخر.
بعد هذه المقدمة تستدعي الحاجة إلى تشكيل لجنة متخصصة من الخبراء والمحللين والإستراتيجيين الذين لديهم القدرة والخبرة الكافية لقراءة المشهد الإقليمي والعالمي قراءة دقيقة بأبعاده السياسية والإقتصادية وحتى التكنولوجية وتقديم الدراسات اللازمة والمقترحات والإستراتيجيات للمرحلة القادمة, فالحسابات المعقدة قد تدخل فيها لوجاريتمات جبرية قد تعظم من المقترح, في حين ترك الأمور على ما هي عليه لن تؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة بالشكل الصحيح, فتلاقي المصلحة الوطنية مع المصلحة الإقليمية قد تعطي فائدة أكبر من تلاقي المصلحة المحلية مع المصلحة الدولية وستتعظم الفائدة إذا تلاقت جميعها معاً, في حين علينا أيضاً إعادة تقييم نقاط الإختلاف الإقليمية والدولية لما يصب في مصلحة الإقتصاد الوطني.
ومن هنا أصبح من الضرورة دراسة جميع المتغيرات العالمية دراسة دقيقة, وتقييم المستجدات وكيفية الإستفادة منها, وحتى لو أضطر الأمر الجلوس مع شركائنا وحلفائنا لتغيير نمط التعاون بناء على هذه المستجدات, فمن الممكن الحصول على مكاسب جديدة قد تنعش إقتصادنا, فكل موقف إقليمي أو دولي له ثمن اقتصادي, فالدور الذي يقع على عاتق هذه الهيئة المقترحة سيكون كبيراً, لأن عملهم مبني على القراءة الجيدة والفهم الصحيح لما يدور حولنا إقليمياً وعالمياً, ويجب أن يكون معززاً بالأرقام والمقارنات مع الفترات الزمنية السابقة, إضافة إلى الدور الأهم وهو قراءة وتوقع المستقبل خلال فترات زمنية (قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى), مع الأخذ بعين الإعتبار المخاطر وإيجاد البدائل لكل مقترح.
إن سر نجاح الدول العُظمى وتقدمها الإقتصادي هو ربط السياسة بالإقتصاد, من خلال تشكيل مؤسسات وهيئات داعمة لصنّاع القرار, وإن كان هناك اختلافات في وجهة النظر بين الشركاء أو الحلفاء فإن أصحاب الإختصاص من الجانبين يجلسون على طاولة واحدة، يعرض كل طرف وجهة نظره وما تتضمنه من فوائد وإيجابيات وما يقدمه للطرف الآخر بإبراز تلك الأهمية, للحصول على مكاسب إقتصادية أو مطالب توازي القيمة المضافة التي يقدمها للطرف الآخر, وكذلك الأمر في حال وجود أي قرارات أو إجراءات من الطرف الآخر تؤثر على مصالحه يصار إلى تعديلها أو حتى إلغائها مع تبيان الأسباب الموجبة لذلك.
إن وجود هيئة للسياسات الخارجية تكون عابرة للحكومات المحلية, فهي التي تمهد للعلاقات الإقتصادية والسياسية مع دول الإقليم وبقية دول العالم بتوازنات مدروسة, سواء بتفعيل علاقات وبروتوكولات جديدة أو تعديل ما عمل به سابقاً, كل ذلك سيصب في مصلحة الإقتصاد الوطني, وخصوصاً إن موقعنا الجيوسياسي والجيوستراتيجي يُحتّم على دول الإقليم والدول العُظمى التنسيق المستمر معنا لتحقيق أهدافهم, وهذا له ثمن علينا إبراز ما نقوم به بمهنية عالية, ليتفهم الطرف الآخر من حلفائنا الإقليميين والدوليين أهمية دورنا في إنجاح خططهم.
فوضوح العمل والرؤيا المستقبلية في العلاقات الإقليمية والدولية يجب أن يبنى على المصالح المشتركة, حيث نرى بعدها تدفقاً للإستثمارات وسداداً لبعض من ديوننا الخارجية من دول الإقليم وبقية دول العالم, ونحقق أمننا الغذائي وأمن الطاقة والمياه, فهيئة السياسات الخارجية المقترحة ستساعد على تحقيق الأمن الشامل بأبعاده الأربعة: السياسية والإقتصادية والأيديولوجية والعسكرية.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ