رغم ان الفارق الزمني بين زلزال مراكش المدمر وسيول درنة الجارفة كان متقاربا الا ان العالم تنبه مبكرا لنجدة الاشقاء في المغرب وتأخر بمد يد العون للاشقاء الليبين، فما الذي حدث؟
المغرب دولة مستقرة وتعتمد على تجاوز ازماتها بمؤسساتها العميقة الراسخة وعلى راسها المؤسسات الإعلامية.فقد هب الإعلام المغربي لنجدة سكان اقليم مراكش، وكان يعرف ماذا يقول وكيف يصف الاحداث ويوثقها، وابدع في رسم الخرائط ووصف تضاريس المنطقة وحدد الاحتياجات ورسم بدقة السيناريوهات المتوقعة، وامنت الدولة بهم ونقلتهم عبر طائرات عسكرية لتوثيق الاحداث ولابراز عظمة دولة وقوتها وقت الكوارث والازمات.هذا الدعم وهذه المهنية الصحفية للمراسلين المحليين والدوليين اوصلت رسالة لكل العالم باسرع وقت، بفضل تحول كل مكونات الإعلام المغربي الى "اعلام دولة" همه محاصرة نتائج الزلزال وتخفيف من آثاره وتقديم العون بكافة اشكاله، فهب المغربيون والعرب والعالم لمساندة المحاصرين والمتضررين استجابة لما نشرته وسائل الإعلام المحلية المغربية والعربية والدولية.اما في مأساة درنة الليبية والتي مُسحت اجزاء كبيرة منها عن الارض نتيجة اعصار البحر الأبيض المتوسط، فقد كانت استجابة العالم بطيئة جدا ولم "ترتقي" لمستوى الحدث الذي بلغ عدد الضحايا فيه اضعاف زالزال مراكش.هذه الاستجابة العالمية المتأخرة لم تكن بخلا من العالم ولا نتيجة لمواقف سياسية، بل كان نتيجة لغياب اعلام يصف الاحداث بدقة وعدم امتلاك صحفييه للمهنية الخاصة بالأزمات والاستجابة لها لغرقه بالانقسامات الداخلية وهجرة كفاءاته او اقصائها.المؤسسات الإعلامية والصحفيون المهنيون يحدثون الفرق، فاذا كنتم تقلقون من كلف استقلالية المؤسسات الإعلامية ومهنية الصحفيين فتذكروا كلف غيابها وغياب مهنية الصحفيين المحليين والمراسلين للمؤسسات الاعلامية الدولية، فهم اول من يدخلون ساحات المواجهة واخر من يخرجون منها.