ترأَّس رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة اليوم الخميس، اجتماعاً لمجلس البناء الوطني، بحضور سموّ الأميرة سميَّة بنت الحسن رئيسة الجمعيَّة العلميَّة الملكيَّة.
وأكَّد رئيس الوزراء في كلمة له خلال الاجتماع الذي جاء لغايات إقرار مسوَّدات كودات البناء الوطني المرتبطة بالتغيُّر المناخي، على أنَّ ملفُّ السَّلامة العامَّة يأتي في مقدِّمة أولويَّات الحكومة، "فكما نبحث عن غذاء آمن ودواء آمن، تولي الحكومة ملفَّ السلامة على الطُّرق وسلامة الأبنية والمنشآت أهميَّة كُبرى؛ نظراً لآثاره التَّنمويَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وباعتباره واحداً من عناصر توفير الحياة الكريمة للمواطنين".
وأشار الخصاونة إلى أهميَّة دور مجلس البناء الوطني الأردني الذي يُعنى في تطوير قطاع الإنشاءات والبناء والإسكان، لافتاً إلى أهميَّة هذا القطاع كمساهم في تطوير البنى التحتيَّة وتطوير الاقتصاد الوطني والذي يُعدُّ محرِّكاً للاقتصاد الوطني، ومشغِّلاً رئيساً للعديد من المهن المساندة بشكل مباشر وغير مباشر، ويوظِّف عشرات الآلاف من القوى العاملة .
وشدَّد رئيس الوزراء على ضرورة تطبيق كودات البناء الوطني على المنشآت التي تتمُّ إقامتها في جميع مناطق المملكة، وتشديد الرَّقابة على الالتزام التامّ بالتنفيذ وفقاً للمخطّطات الهندسيَّة، وفي جميع مراحل العمل الهندسي؛ بشكل يضمن تنفيذ الأعمال وفق المعايير الهندسيَّة، من أجل ضمان حصول المواطنين على منتج آمن يلبِّي متطلَّبات التصاميم المعتمدة، وحماية المنشآت وساكنيها من أيِّ مخاطر نتيجة لأيِّ ظروف طبيعيَّة قد تحدث.
ولفت إلى أنَّ اجتماع مجلس البناء الوطني يأتي في وقت مهمّ للغاية، حيث يشهد جوارنا الإقليمي والجوار الأبعد كذلك كوارث طبيعيَّة وزلازل، كتلك التي ضربت أجزاء من سوريا وتركيا والمغرب، بالإضافة إلى تقلُّبات مناخيَّة وفيضانات كتداعيات الإعصار الذي ضرب السَّواحل الليبيَّة والمصريَّة، كما لمسنا في الأردن تقلُّبات في أحوال الطَّقس صاحبت هذه الظَّواهر الطَّبيعيَّة، مؤكِّداً أنَّنا أحوج ما نكون اليوم إلى اعتماد مقاربات مرتبطة بإجراء مسوحات، ورفع مستوى الجاهزيَّة والاستجابة الفاعلة لأيِّ طارئ لا قدَّر الله من أجل سلامة وطننا ومواطنينا.
وأشار الخصاونة في هذا الصَّدد إلى أنَّ المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات بدأ بالتَّعاون مع العديد من الجهات الحكوميَّة وجهات وبيوت خبرة مثل الجمعيَّة العلميَّة الملكيَّة بإجراء المسوحات المتعلِّقة بأوضاع المباني، وأنجز الكثير من الدِّراسات في هذا الصَّدد، لافتاً إلى أنَّ تمرين "درب الأمان" الذي يعمل المركز على الإعداد له خلال الفترة القريبة المقبلة، يهدف إلى رفع الجاهزيَّة للتَّعامل والاستجابة الفاعلة لأيِّ طارئ - لا قدَّر الله - من أجل سلامة وطننا ومواطنينا.
وأكَّد على ضرورة أن نكون في أعلى درجات الجاهزيَّة والاستعداد للتَّعامل مع مثل هذه المخاطر الطَّبيعيَّة التي قد تصيب أيَّ دولة، سواءً من حيث حصر مناطق الاختطار والاستجابة الفاعلة لآثارها إن حدثت - لا قدَّر الله – على أعلى سويَّة، وبالقدر الذي يستحقُّه المواطنون، والقدر الذي يتوخَّاه جلالة الملك عبدالله الثَّاني في طبيعة ونوعيَّة الخدمات، خصوصاً التي تُعنى بالحفاظ على السَّلامة العامَّة للأردنيين.
كما أثنى رئيس الوزراء على الجهود التي تقوم بها الجمعيَّة العلميَّة الملكيَّة باعتبارها بيت خبرة أردني وعالمي يعتمد أعلى معايير الجودة، مؤكِّداً التزام الحكومة بدعم الجمعيَّة لتستمرَّ بدعم جهود الحكومة ومختلف القطاعات في الاستجابة لجميع أوجه المشورة الفنيَّة التي تمَّيزت بتقديمها على مرِّ رحلتها الطَّويلة الممتدَّة لأكثر من خمسين عاماً والتي صاحبها الكثير من المنجزات والتميُّز الاستثنائي.
كما قدَّم رئيس الوزراء التحيَّة لسموِّ الأميرة سميَّة بنت الحسن على جهودها والتزامها دائماً بأعلى الأسس والمعايير في كلِّ المؤسَّسات التي ترأسها، بما في ذلك الجمعيَّة العمليَّة الملكيَّة.
ولفت الخصاونة إلى أنَّ الأردن كان سبَّاقاً في إعداد كودات البناء، فالكودات الوطنيَّة تمَّ اعتمادها ككودات عربيَّة موحَّدة من خلال مجلس وزراء الإسكان والتَّعمير العرب في جامعة الدول العربيَّة، مشيراً إلى أنَّ مجلس البناء الوطني أصدر (65) كودة في مختلف المجالات الهندسيَّة، منها كودة الزَّلازل التي تتضمَّن المتطلَّبات الفنيَّة الواجب تنفيذها لحماية المنشآت من أخطار الزَّلازل.
كما أشار إلى أنَّ الحكومة عمدت إلى وضع هذه المفاهيم ضمن رؤية التَّحديث الإقتصادي والبرنامج التنفيذي التَّابع لها، والتي جاءت تنفيذاً لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بضرورة وضع رؤية شاملة وخارطة طريق محكمة للسَّنوات المقبلة، تضمن إطلاق الإمكانات، لتحقيق النموِّ الشامل المستدام بإرادة صلبة، وبتخطيط مؤسَّسي سليم، ورؤية واضحة.
بدورها، أكَّدت سموُّ الأميرة سميَّة بنت الحسن، رئيسة الجمعيَّة العلميَّة الملكيَّة، على أنَّ الأحداث الأليمة التي شهدتها بعض دول الجوار بفعل الظَّواهر الطَّبيعيَّة، وما خلَّفته من خسائر بشريَّة وماديَّة ومعاناة إنسانيَّة كبيرة تفرض علينا العمل بجديَّة لتكون منشآتنا وأبنيتنا ومدننا أكثر أماناً وجاهزيَّة.
وأشارت إلى أهميَّة تمرين "درب الأمان" الذي سينفِّذه المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات في اختبار جاهزيَّة الخطط الاستراتيجيَّة لمؤسَّساتنا؛ لأنَّ "الجاهزيَّة الجيِّدة لا شكَّ تؤدِّي إلى تخفيف الآثار"، كما أشارت إلى دور مجلس البناء الوطني في إجراء مسوحات وتنفيذ إجراءات استباقيَّة واقتراح الأُطر التَّشريعيَّة اللازمة للحدِّ من هذه المخاطر.
وأكَّدت سموّها أنَّ التَّخطيط لإدارة المخاطر أصبح شموليَّاً على مستوى العالم، ولم يعد مسؤوليَّة الخبراء والعلماء فقط، بل يجب إشراك المخطِّطين الحضريين والمجتمعات المحليَّة، لافتة في هذا الصَّدد إلى أهميَّة تعزيز التَّعاون المشترك بين العلماء والباحثين وصانعي القرار، والتَّشبيك بين المؤسَّسات القائمة على العلوم والتكنولوجيا، وتطوير أساليب البحث العلمي الحديثة، وإيجاد تحالفات في المعرفة وبناء الشَّراكات؛ بهدف نقل المعرفة من شكلها المجرَّد إلى فضاء التَّطبيق، بهدف تحسين نوعيَّة الحياة الإنسانيَّة.
كما أكَّدت أنَّ البشريَّة تقف اليوم أمام تحدِّيات جسام من حيث الصحَّة والبيئة والمناخ والماء والغذاء والهواء والتمدُّن والفقر؛ لذا علينا أن نركِّز على أن يكون العلم والتكنولوجيا أداة للسِّلم والسَّلام، مستعرضةً في هذا الإطار الجهود التي تقوم بها الجمعيَّة العلميَّة الملكيَّة والتي تضع نصب أعينها دوماً سلامة المواطنين وصحَّتهم ومقدَّرات الوطن ولن تدَّخر جهداً في أداء الواجب.
وقال وزير الأشغال العامَّة والإسكان ووزير النَّقل / رئيس مجلس البناء الوطني المهندس ماهر أبو السَّمن إنَّ المجلس يعمل على تعزيز التَّنسيق المشترك بين جميع مؤسَّسات الدَّولة، بهدف الوصول إلى قرارات وإجراءات من شأنها تعزيز جودة الأبنية في المملكة ورفع سويَّاها في ضوء التطوُّرات التي شهدتها علوم الهندسة ومفاهيم البناء.
وأشار إلى أنَّ مجلس البناء الوطني يُناط به مهام وضع الأسس والمبادئ الخاصَّة بكودات البناء ورفعها إلى مجلس الوزراء لاعتمادها، ودراسة تنسيبات اللِّجان الفنيَّة واتِّخاذ القرارات المناسبة بشأنها، والمساهمة في إصدار الأنظمة والتَّعليمات النَّاظمة للعمل وضمان جودة الأبنية وسلامتها، مؤكِّدة أهميَّة كودات البناء التي تمَّ إقرار مسوَّداتها بدعم من برنامج الأمم المتَّحدة الإنمائي في عمَّان.
بدورها، قدَّمت الممثِّل المقيم لبرنامج الأمم المتَّحدة الإنمائي السَّفيرة رند أبو الحُسُن الشُّكر للأردن على إطلاق واعتماد مجموعة كودات البناء المرتبطة بالتغيُّر المناخي والاستدامة، مؤكِّدة أنَّ الأردن من أوائل الدُّول التي تبنَّت مثل هذه الكودات بخبرات وطنيَّة، وبمشاركة الجمعيَّة الملكيَّة الأردنيَّة.
وثمَّنت أبو الحُسُن الشَّراكة التي تقوم بها الوزارات والجهات الحكوميَّة والوطنيَّة مع برنامج الأمم المتَّحدة الإنمائي، في ظلِّ الزَّخم الكبير على المستويين المحلِّي والدَّولي لتعزيز الإجراءات الرَّامية إلى مواجهة آثار التغيُّر المناخي والتوجُّه نحو الاقتصاد الأخضر.