أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات وفيات جامعات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

حدادين يكتب: إدماج المغترب الأردني في التحديث الاقتصادي والسياسي


المحامي الدكتور يزن دخل الله حدادين

حدادين يكتب: إدماج المغترب الأردني في التحديث الاقتصادي والسياسي

مدار الساعة ـ
يُسطّر اليوم الذكرى الثالثة لعودتي للاستقرار في أرض الوطن بعد غربة استمرّت لأعوام عديدة. وتتلخص رحلة الغربة عندما ذهبت الى بريطانيا لإكمال دراساتي العليا في القانون حاصلاً بذلك على شهادتي الماجستير والدكتوراه، ومن ثم العمل لدى احدى كبرى شركات المحاماة العالمية في لندن والانتقال بعد ذلك للعمل لدى فرعهم في امارة أبو ظبي، ومن ثم الحصول على فرصة عمل كخبير قانوني لدى حكومة دبي.
غربة ثرية بالتجارب والادراك والخبرة والمعرفة الاّ أنها كانت قاسية وإن تخلّلها زيارات دورية شبه شهرية الى بلدي الحبيب. ولكن مهما طالت سنين الغربة بالمغتربين، فلا بد من العودة إلى مرابع الصبا يوماً ما، وتُصبح أعوام الغربة بعد ذلك جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب. هذا ما أؤمن به على الصعيد الشخصي وهذا ما قُمت به في واقع الحال.
يستحق المغتربون عن الأردن أن تُنشأ لهم هيئات مختصة تهتم ببناء جسور بينهم وبين وطنهم تُعزز الصلات الثقافية والسياسية والاجتماعية وتهتم بتعليم أبنائهم اللغة العربية وتجعلهم لا ينسون تاريخهم وثقافتهم رغم إقامتهم في بلدان أخرى. بعض البلدان، ومنها الأردن، ألحقت نشاط المغتربين بوزارة الخارجية. بالرغم من إنجازاتها العديدة ومساعيها المستمرة أميل إلى الاعتقاد أن وزارة الخارجية (وشؤون المغتربين) وزارة سياسية بالمقام الأول وبالتالي لا يوجد لديها الوقت الكافي لهندسة رؤيا تُعزز صلة المغتربين بوطنهم الأم. هيئة المغتربين هي فكرة واسعة الطيف ومرنة الممارسة وتستطيع الإسهام بتشجيع إنشاء مشاريع اقتصادية واستثمارية من قِبل المغتربين في الأردن ودمجهم في عملية التحديث الاقتصادي والسياسي. ليس انطلاقاً من التعويل على العاطفة بل من واقع امتلاكهم لخبرات ومؤهلات يجب الاستفادة منها والاستثمار بها مما يوسِّع من نطاق دورهم ليتجاوز مجرد إرسال الحوالات إلى الأردن من حين لآخر. فالأمر يتعلق بتواصل الحكومة أو الجهات الحكومية المعنية مع المغتربين وإشراكهم في عملية التحديث الاقتصادي والسياسي التي يخوضها الأردن اليوم، فهناك مئات الآلاف من المغتربين في الخارج وقد يفوق عددهم المليون وبالتالي يُمكِنهم القيام بدور أكبر كثيراً في تحقيق التحديث المنشود.
بالإضافة الى ذلك، وفي ذات السياق، أصبحت مسألة الانتخابات النيابية القادمة لاختيار مجلس النواب الأردني العشرين من أبرز اهتمامات الرأي العام الأردني في هذه الأيام، ويبدو جلياً أن هناك آراء متباينة حول تلك الانتخابات بالرغم من أن المشاركة الفعّالة في عملية الاقتراع هي الوسيلة الأبرز في التعبير الحُر عن إرادة المواطن بالمشاركة في إدارة الشؤون العامة في بلده. إلاّ أن أحداً لم يلتفت إلى أنّ حق الاختيار في المشاركة في العملية الانتخابية ليس متاحاً للمغترب الأردني ومشاركته بالحياة السياسية شبه معدومة حيث لا يصوت المغتربون الأردنيون بالاستحقاقات الانتخابية لأسباب "مالية ولوجستية" بحسب بعض التصريحات. ومن باب أولى عدم التمييز بأي شكل من الأشكال بين المواطن الأردني المُقيم وغير المُقيم خصوصاً في الانتخابات النيابية حيث أن الحق في إدارة شؤون الدولة لا ينحصر بمكان السكن فقط بل يرتبط بتمتع المواطن الأردني بحقوقه السياسية المُصانة في الدستور والقانون. وبالتالي فان إدماج المغتربين في المنظومة الديمقراطية أمراً ضرورياً وسيشكل دفعة قوية لمسيرة عملية التحديث الاقتصادي والسياسي التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين -حفظه الله ورعاه- منذ أن تولّى سلطاته الدستورية مروراً باللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي شكّلها جلالته بتاريخ 10 حزيران 2021 لوضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكماً بالقانونين وآليات العمل النيابي. ختاماً، ومن وجهة نظري، إن إدماج المغترب الأردني بالتحديث الاقتصادي والسياسي ومشاركته بعملية الاقتراع في الانتخابات النيابية هو أمر أساسي لتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون والإدماج الاجتماعي والتنمية الاقتصادية وللنهوض بكامل حقوق المواطن الأردني.
مدار الساعة ـ