انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

واشنطن تفتح جبهة 'جديدة' ضد روسيا.. من 'أرمينيا'؟


محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo

واشنطن تفتح جبهة 'جديدة' ضد روسيا.. من 'أرمينيا'؟

محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/09/12 الساعة 01:02
بدأت يوم أمس مناورات عسكرية أميركية - أرمينية تحت اسم «إيغل بارتنر» وتستمر حتى عشرين الجاري، على نحو عكس من بين أمور أخرى تدهوراً واضحاً - إن لم نقل طلاقاً - بين يريفان وموسكو، مهّد له رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان عبر تصريحات غير مسبوقة في استفزازها لجارته الشمالية, قائلاً لصحيفة «لاريبوبليكا» الإيطالية: إن سياسة بلاده بالاعتماد على روسيا «فقط» لضمان أمنها هو «خطأ استراتيجي».. مُضيفاً لـ"أن موسكو غير قادرة على الوفاء بذلك، ولأنها - استطردَ- بصدد تقليص دورها في المنطقة»..
وإذا كانت المناورة العسكرية المشتركة التي تجري لأول مرة, قد جاءت وفق تبرير غير مقنع بأنها تتعلق بمهام «حفظ السلام الدولية»، كستار في ما يبدو لرغبة باشينيان في استفزاز روسيا عبر «استقدام» قوات أميركية على الحدود الروسية، كخطوة أولى باتجاه الارتباط مع المعسكر الغربي وطلب حمايته, بما يفتح الطريق لاحقاً وسريعاً باتجاه طلب عضوية حلف الناتو والاتحاد الأوروبي (على الطريقة الأوكرانية), فإن ردّ الكرملين على تصريحات باشينيان لم يتأخر بل كان صارماً, إذ نفى متحدث الكرملين بسكوف, مزاعمه حول «فشل مهمة حفظ السلام الروسية في كارا باخ وانسحاب روسيا من جنوب القوقاز»، مُؤكّداً دور روسيا الضامن لاستقرار المنطقة، وأن روسيا جزء لا يتجزأ من هذه المنطقة، ولا يمكن لروسيا الانسحاب من المنطقة ولن تنسحب منها». لافتاً إلى مسألة مهمة عندما قال: إن عدد الأرمن الذين يعيشون في روسيا أكبر من عددهم في أرمينيا نفسها، ومُعظمهم وطنيون ويساهمون في تنمية روسيا.
سجال لم يتوقف بين يريفان وموسكو، ويبدو أنه مرشح لمزيد من التصعيد، إذ أن اندفاع باشينيان غير المحسوب في ما نحسب، سيأخذ علاقات البلدين إلى أزمة أكثر خطورة ربما مما كانت عليه الأوضاع بين روسيا وأوكرانيا, قبل بدء العملية العسكرية الخاصة الروسية (مع فوارق عديدة بالطبع). إذ دخل رئيس الدبلوماسية الروسية لافروف يوم أمس على خط السجال المُندلع مع يريفان، عندما وصف تصريح رئيس البرلمان الأرميني, بأن روسيا سلّمت كاراباخ لأذربيجان, بأنها كاذبة قائلاً: من الصعب على المرء أن يتصوَّر تصريحاً يفتقد اللباقة والصدق أكثر من ذلك».
وسائل الإعلام الروسية انخرطت هي الأخرى في «مُستجدات» العلاقات الروسية - الأرمينية، إذ كتب فيكتور سوكيكو في صحيفة «أرغومينتي إي فاكتي» قائلاً: أرمينيا تُغير مسارها وتبتعد عن روسيا. يتجلى هذا في تزايد وتيرة المسيرات المناهضة لروسيا، والتي يرتبط معظمها بالمطالبة بسحب القاعدة العسكرية الروسية 102 من غيومري. مُقتبِساً رأي الفريق ليونيد إيفاشوف: «لن تنضم أرمينيا إلى حلف الناتو حتى عام 2044 على الأقل، طالما الاتفاق بشأن عمل القاعدة العسكرية الروسية 102 ساري المفعول».
أما لوبوف ستيبوشوفا فكتب بصحيفة «برافدا» الموسكوفية مُتسائلِاً تحت عنوان: هل تستطيع روسيا حماية أرمينيا التي تسعى للانتحار؟. مُجيباً على تساؤله (على ما ترجم الدكتور زياد الزبيدي): حدَّد رئيس الوزراء «نيكول باشينيان» والبرلمان الأرميني مساراً للانسحاب من كافة مشاريع التكامل مع روسيا الاتحادية. والدليل على ذلك:
1) التصديق المُرتقب من جانب البرلمان على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛
2) دعوة الجيش الأميركي إلى التدريبات العسكرية في أرمينيا؛
3) انسحاب ممثل أرمينيا من منظمة معاهدة الأمن الجماعي ورفض التدريبات المشتركة في المنظمة (أي تعليق العضوية في منظمة معاهدة الأمن الجماعي بحكم الأمر الواقع)؛
4) زيارة زوجة «باشينيان» مُحمَّلة بالمساعدات الإنسانية إلى كييف لحضور القمة الرسمية؛
5) اعتقال المُدوّن الموالي لروسيا «ميكائيل باداليان»؛
تطرح الأزمة الجديدة التي تلوح في أفق العلاقات الروسية الأرمينية أسئلة عن الأهداف الحقيقية التي يسعى إلى تحقيقها رئيس الوزراء الأرميني خاصة اختياره توقيت تفجير أزمة بهذا الحجم تجاه موسكو بالذات, في وقت يُصرّح فيه في اجتماع لحكومته يوم 7 أيلول الجاري أن أذربيجان حشدت قواتها بالقرب من أرمينيا وكاراباخ، داعياً «المجتمع الدولي» وأعضاء مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات لمنع حدوث انفجار جديد في المنطقة، مُضيفاً.. أن «أرمينيا مستعدة وراغبة في توقيع اتفاق سلام وتسوية العلاقات مع أذربيجان». فهل ثمة أسباب خفية وراء تأزيم علاقاته مع موسكو ومحاولة «ترطيبها» مع باكو؟.
لا ترتبط المسألة بالتأكيد في حكاية «ممر لاتشين» الذي يربط أرمينيا بكاراباخ إذ اتهم باشينيان موسكو بأنها «إما عاجزة عن السيطرة على ممر لاتشين, وإما لا تريد ذلك»، بل إن باشينيان ما يزال «يعاني» من آثار الهزيمة المذلة التي ألحقتها أذربيجان ببلاده في الحرب التي إندلعت يوم 27/9/2020، عندما أُجبر على توقيع اتفاق لوقف الأعمال العِدائية, في حرب بدأها وروّج لها، ما أفسد عليه طموحه وهو القادم عام 2018 من عالم الصحافة إلى عالم السياسة, رافعاً شعارات إصلاحية واعداً أنصاره بثورة ملونة (ضد روسيا بالطبع), ما حوّله (بعد الهزيمة) من «ثائر إلى خائن».. وها هو يدعو أميركا إلى مشاركته استفزاز روسيا واستعدائها.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/09/12 الساعة 01:02