ملك الأرض وحكمها كلها أربعة ملوك وذكرهم الله في القرآن الكريم، اثنان منهم مسلمان وهما سيدنا النبي سليمان عليه السلام، وعبد الله الصالح ذو القرنين والآخران كافران هما النمرود ونبوخذ نصر (بختنصر). سيكون تركيزنا في هذه المقالة على نبوخذ نصر (بختنصر ) أو بخترشاه ابن نبوبولاسر وهو أحد الملوك الكلدان الذين حكموا بابل في العراق وهو اقوى ملوك بلاد مابين النهرين.
جعل من بابل اقوى امبراطورية في الارض وبنى فيها الجنائن المعلقة ومعبد إيتيمينانكي وبوابة عشتار وخاض عدة حروب طاحنة ضد الآشوريين والمصريين. وهو الطاغية الذي دك حصون القدس مرتين (السبي البابلي الأول والثاني ل ل ي ه و د) وقتل اهلها، الا أنه قبل أن يصبح ملكًا كان قائدا لجيش جرار، قوامه مائة ألف مقاتل، وكان معروفًا آنذاك للعالم بشراسته وقوته، وذهب بجيشه للشام ودمشق فخافه الدمشقيون، وطلبوا الصلح، وقدموا له أموالا عظيمة وجواهر كثيرة وكنوزًا ثمينة فوافق وترك دمشق وذهب إلى بيت المقدس. وكان يحكم اهل القدس ملك من نسل داوود عليه السلام فخرج إلى البختنصر وقدم له الطاعة، وطلب الصلح منه، وأعطاه مثل ما أعطاه الدمشقيون، بل وأخذ من اهل المقدس بعض أثرياء بني إسرائيل وعاد إلى بلاده. أغلق بني إسرائيل أبوابهم عند قدوم البختنصر للقدس، وقاموا إلى ملكهم واعترضوا على هذا الصلح، وقتلوا ملكهم الذي هو من آل داوود عليه السلام ونقضوا عهدهم مع بختنصر فعاد بختنصر إليهم، فتحصنوا ضد جنوده ولكن بختنصر تمكن من اقتحام المدينة (السبي البابلي الثاني)، وقتل وخرب فيها الكثير، وذهب إلى القرى المجاورة وخربها وقتل أهلها وبقي بختنصر في بلادهم، وأحرق ما وقع تحت يديه من التوراة وأبقى النساء، والأطفال ليكونوا عبيداً لأهل بابل، حتى بلغ عدد الأطفال تسعين ألف طفل كان من بين الأطفال نبي الله عزير عليه السلام وقد ذكره الله في القرآن (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (البقرة: 259))، ولما وصل البختنصر بابل وزع الأموال والأولاد على أهل بابل حتى امتلأت بيوتهم بالخير والولدان.
