ياما عاتبتني أمي, على قلة طعامي ونحافة جسمي, كانت تقول لي: (صاير مثل العود)... لقد كبرت الان ولم أعد مثل زمان, صار لي (كرش) و (لغلوغ)... وكل فترة اصعد للميزان ويعطيني قراءات لئيمة أنا أصلا لا أصدق الميزان..
الميزان يكذب, مرة يقول لي إن وزني وصل ل (90) كيلو غراماً, وفي بعض المرات يعطي قراءات أكثر لؤما, وأنا حقيقة لم أعد ذاك الفتى النحيف.. الذي يقوم بثقب حزام البنطال ثقبا إضافيا كي يلم خصره, صار الحزام محرجا, حتى أني حين قررت ارتداء ربطة عنق أول أمس لأجل المشاركة في (جاهة).. فوجئت بأن القمصان هي الأخرى تعبت من جسدي.
تخيلوا رئيس الوزراء ذاته, قال لي: ليش هيك صاير..؟ وها أنا أحاول أن أزيل ما راكمته المناسف ودعوات الأصدقاء, وطبخات البامياء الليلية, والملوخية... أحاول أن أستعيد زمن أمي, صدقوني أني لا أريد النحافة من أجل الصحة, ولكني أريد أن أرى نفسي كما كانت تراني أمي...
كنت في عيونها (اجمل) فتى في العشيرة, ومهما ارتديت من ألوان كانت تراها مناسبة, حتى أنها كانت تغضب حين تسمع أحدا ينتقد نحافتي, وكانت تغضب حين أتأخر عن المنزل, ويقولون لها أني أعود في (نصاص الليالي).. ويمارسون نقدي والهجوم علي, كانت تبرر لهم المسألة بأني كنت في (العمل), وتخبرهم بأن عبدالهادي: (بتعب)... وذات يوم بررت لهم سبب تأخري في النوم, حين قالت: (أني أحضر للماجستير).. والماجستير بحسب رأيها يحتاج للسهر, حتى أنها ومن قبيل كيد الوشاة كانت تقول للجارات بأنها تنتظرني كي أنهي صلاة الجمعة, من أجل العودة للكرك.
عيون أمي أجمل من عيون الاخرين, وكم أشتاق لتلك العيون... فهي لا ترى في عبدالهادي عيوبا أبدا, كنت كاملا في عيونها...
لقد تهت يا أمي.