منذ طلب رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة البدء بمفاوضات مع صندوق النقد الدولي تقود الى برنامج تصحيح جديد، والتساؤلات لم تتوقف عن الدوافع، مع انها كانت خطوة متوقعة.
اعتادت الحكومات المتعاقبة على اللجوء الى صندوق النقد والمبادرة الى طلب الاتفاق على برامج تصحيح اقتصادي.
في الظاهر ان الصندوق لا يبادر الى مثل هذا الطلب لكن الواقع ان الظروف الاقتصادية هي التي تجعل الصندوق ينتظر مثل هذا الطلب وكأنه يقول ان ذلك خيار لا مفر منه.
الصندوق يمثل الدائنين والمانحين وله دور في تحسين التصنيف الائتماني للبلد ما يمنحها مساحة افضل للاستدانة باسعار فوائد مناسبة وقد حصل ذلك فعلا في. سندات اليوروبوند الأخيرة.
الصندوق هو شهادة الدخول الى اسوق التمويل الدولية، صحيح أن كثيراً من المساعدات والمنح التي يتلقاها الأردن تأتي لاسباب سياسية أحيانا لكن الصحيح أن شهادة الصندوق مهمة في هذا الخصوص ونذكر اخر دعوة اطلقها الصندوق للمانحين لزيادة الدعم للأردن.
أي برنامج تصحيح يقتضي في بنوده أن لا ترتفع نسبة الدين العام الإجمالي إلى الناتج المحلي الإجمالي عن الحدود الامنة وقد ساعد الصندوق على تطبيق مثل هذا الشرط عندما تساهل في اعادة احتساب الدين العام باستثناء ديون الحكومة من صندوق استثمار الضمان الاجتماعي باعتبار أن الحكومة تستدين من نفسها.
كان ذلك تساهلاً من جانب البرنامج إذ يكتفي بأن لا ترتفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، بمعنى أنه يسمح للمديونية أن ترتفع بالأرقام المطلقة على أن لا تتجاوز الشروط المشار إليها أعلاه، أما تخفيض النسبة فكان يفترض به ان يكون بدأ في السنة الاولى من البرنامج المنتهي!.
المشكلة أن حجم الناتج المحلي الإجمالي لا يكبر بما يكفي لتخفيض الدين العام كنسبة وان الاجراءات التي يتعين على الحكومة فعلها لتحقيق هذا الخفض هو تحفيز النمو لكن ذلك ما لا زال محفوفا بمصاعب التضخم وارتفاع التكاليف وخصوصا الطاقة والوضع الاقتصادي العالمي.
لتثبيت المديونية اتبعت الحكومة اسلوب اطفاء الدين بالدين وهو ما لا يوفر سيولة كافية لخدمة اغراض النمو.
تجاوز السقف المسموح به في الدين العام هو احد اهم اسباب اللجوء الى برنامج تصحيح جديد أما الاسباب الاخرى فهي استمرار ضمان الاستقرار المالي والنقدي وهو ما حققته الحكومة حتى الان لكن الاستمرار به سيحتاج الى مزيد من السياسات المتشددة.
الاردن ليس جاهزا للتخرج بعد من برامج الصندوق فالظروف الراهنة ليست هي ذات الظروف التي كانت سائدة عندما تخرج الاردن عام ٢٠٠٤، لكن تلك الحالة لم تستمر طويلا، فلم تستطع الحكومات انذاك اتمام الاعتماد على الذات ولعبت سياسات الدعم دورا في نمو الدين العام وانكشاف الموازنات.
الالتزام بأهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي، وشهادة الصندوق، بأن الأردن ملتزم به، يهم الدول الدائنة والمانحة بالدرجة الأولى ويهم ايضا الدائنين المحليين وهم البنوك، وعلى الاردن أن يثبت أنه يستحق الدعم وذلك لا يتم الا عبر برنامج تصحيح جديد.