حقا، سؤال مشروع، وربما يكون من الأجدى طرح أسئلة فرعية أخرى، من مثل:
ماذا تختلف كتب التربية الإسلامية المطورة عما سبقها من كتب؟
هل تنسجم الكتب المطورة مع مواصفات إعداد الكتاب المدرسي الجيد؟
الجواب، أن الكتب الصادرة عن المركز الوطني لتطوير المناهج، جاءت مختلفة، وربما يمكن القول أنها تجربة متميزة على مستوى الوطن العربي، حيث إن كثيرا الدراسات التي أجريت على هذه الكتب أظهرت نتائجها أنها حققت معايير الجودة في صناعة المنهاج التعليمي..!
لقد وضع القائمون على إعداد هذه الكتب أمام أعينهم خلاصة الإطار الخاص بمناهج الإسلامية، المتمثلة في إعداد جيل مؤمن بالله تعالى، ذي شخصية إيجابية متوازنة، معتز بانتمائه الوطني، ملتزم بالتصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة، متمثل الأخلاق الكريمة والقيم الأصيلة، ملم بمهارات الحياة..
يجد الدارس لهذه الكتب والمحلل لمحتواها أنه أمام مجموعة من المبادئ والمرتكزات التي تمثل علامة فارقة في هذه الكتب، ومن ذلك:
أولا- استناد تصميم المحتوى على دورة التعلم الرباعية المنبثقة من النظرية البنائية، التي تمنح الطلبة الدور الأكبر في عمليتي التعلم والتعليم، وتتمثل مراحلها في: التهيئة والاستكشاف، والشرح والتفسير، والتوسع والإثراء، والتقييم والمراجعة..
ثانيا-إبراز المنحى التكاملي بين التربية الإسلامية وباقي المباحث الدراسية الأخرى؛ كاللغة العربية، والتربية الاجتماعية، والعلوم، والرياضيات، والفنون..
ثالثا - تعزيز المهارات، كمهارات البحث، وعمليات العلم، من مثل: الملاحظة، والتصنيف، والترتيب والتسلسل، والمقارنة، والتواصل..
رابعا- ربط المعرفة الدينية بحياة الطالب وواقعه ومشكلات المجتمع وتحدياته.. من خلال تقديم أنشطة متنوعة وامثلة متعددة، وأسئلة سابرة.
خامسا- التمحور حول الطالب، ومراعاة المرحلة النمائية التي يمر بها، سواء من الناحية الجسمية أو العقلية أو النفسية أو الاجتماعية.. ومخاطبة الذكاءات المتعددة للطلبة... واستخدام لغة سهلة وواضحة، خالية من الأخطاء تنسجم مع الرصيد اللغوي للطلبة.
سادسا- تنمية إستراتيجيات التفكير، كالتفكير الناقد، والإبداعي، وحل المشكلات، والتفكير فوق المعرفي.. بأسلوب تفاعلي يحرك الطالب ويستمطر أفكاره، بحيث يصل إلى المعلومة بنفسه ومن خلال استنتاجاته..
سابعا- التركيز على القيم، وترسيخ الأخلاق الحميدة التي تصون سلوك الفرد، وتبين حدود علاقاته مع ربه ومع مجتمعه، ومع بيئته... وهي ضرورة اجتماعية تمس جميع العلاقات الإنسانية، من خلال نشر قيم التعاون والمحبة والتسامح...
ثامنا- توظيف التكنولوجيا، من خلال الإحالة إلى مواقع الإنترنت، والكتب الإلكترونية، ومقاطع الفيديو.. وهذا من شأنه أن يثري مواقف التعليم والتعلم المختلفة بالعديد من مصادر التعلم المتنوعة، ويضفي متعة وتشويقا على تعلم الطالب من جهة ويفتح أمامه العديد من طرائق التعليم المفضلة، فضلا عن تنويع مثيرات التعلم...!
تاسعا- التركيز على القضايا المعاصرة، والمستجدات الحديثة، وهذا يؤكد على مرونة كتب التربية الإسلامية واستيعابها لحاجات الإنسان الملحة والضروية، فلم تغب في جوف التراث والتاريخ، وإنما انسجمت مع الحديث الدائر عن حقوق الإنسان، وقضايا المرأة، والقضايا الوطنية، والتربية البيئية، والتربية الإعلامية والمعلوماتية، وما يتصل بذلك من مواقع التواصل الاجتماعي...
عاشرا- إثراء المحتوى بمعينات أخرى إلى جانب الكلمات المكتوبة فيه كالصور والرسوم الجداول والأشكال وغيرها مما يسهل عملية الفهم والاستيعاب.
وبعد،
فقد بقي أن نقول أن الجهد المبذول في إخراج كتب التربية الإسلامية المطورة بهذه الحلة الجميلة والثوب الجديد، لا يدين فقط بالفضل لفريق التأليف وعلى رأسه معالي أ. د. هايل داود وهو بلا شك عالم قدير وباحث جدير، بل يتعدى ذلك إلى المصممين ولجان التحكيم التربوية والشرعية، ومجموعات التركيز من المعلمين والمشرفين، والمجلس التنفيذي والمجلس الأعلى ومجلس التربية والتعليم ودائرة الإفتاء ووزارة الأوقاف.. إضافة لعمليات المتابعة الحثيثة من قبل إدارة المركز الحصيفة ورئاسته الجليلة..