مدار الساعة - التمعت عينا رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز “لمعة أعرفها” وهو يستمع لخطاب النائبة الإسلامية الدكتورة ديمة طهبوب التي قررت ولمرة نادرة أن تضع الخطاب الديني جانباً وتستخدم حنكتها السياسية والاقتصادية وتحاصر رئيس الوزراء بأدواته وأفكاره. الدكتور الرزاز أظنه كان يتساءل برأسه “أين غابت النائبة الذكية عن تشكيلته الحكومية؟”.
النائبة طهبوب أصلاً بدأت مرحلة مختلفة وقبل أيام من الجلسات النيابية للثقة حيث استضافتها شاشة التلفزيون الأردني في إيحاء صعب التجاهل، بعد سنوات طويلة من المقاطعة الرسمية للإخوان المسلمين وانصارهم واتباعهم ومؤيديهم.
خطاب النائبة بثته القناة الرياضية الأردنية (ولا أملك أي إجابة لمن يستغرب النقل على القناة الرياضية رغم اشتعال الرياضة بكأس العالم إلا الابتسام والقول ان الرغبة بإيجاد “روح رياضية” وسط التوتر قد تكون الدافع)، ضمن نقلها خطابات النواب ومناقشاتهم أثناء طلب الحكومة للثقة البرلمانية.
النائبة طهبوب، والتي لطالما كان لدي تحفظات على أدائها ظهرت بصورة مبهرة وهي تستبدل أدوات الدعوة بالفكر السياسي الاقتصادي خلال المناقشات البرلمانية، وحاصرت الرزاز بمقدمة ابن خلدون التي اقتبس منها في بيانه الوزاري، وبدراسته التي اشارت لها مراراً “رأي اليوم” من الريعية إلى الإنتاج، وشكّلت لدى الرئيس الرزاز حالة من الفخر لم أرها وهو يستمع لنواب آخرين حاولوا تذكيره بوالده وإرثه أو تطرقوا للتدخلات في حكومته.
رئيس الوزراء الحالي، مختلف بصورة جذرية عن كل من سبقوه، ولا يغريه إلا الفكر والعمق والمنهجية بالطرح، من هنا أظن أن النائبة طهبوب أذكى من أصاب عقل الرجل، ومنحتني شخصياً ولمرة نادرة، ترف أن أعوّل على خطاب ليستعيد إلينا ذلك المفكّر الذي خسرناه في تشكيلة وزارية معظمها ضحل الفكر والثقافة.
ديمة طهبوب، ذات الفكر المستنير المستتر أحياناً، قد تكون أول نائبة تصبح وزيرة في التعديل المقبل وأنا أجزم أن الرئيس فكّر بذلك، المطلوب الوحيد منها، هو ألا تتخلى عن أدوات العقل لصالح أي أدوات أخرى وتتذكر أن خطاباً علميّا من وزن ما قدمته أمام الجميع هو ما يحتاجه الأردنيون.
**
هناك من سيقول إني أبالغ في تقديري بموضوع النائبة الصاعدة، ولكن من شاهد القنوات الرياضية مؤخراً وفي مونديال روسيا تحديداً يعلم ان مفردة المستحيل باتت بعيدة، وان الإطاحة بوزراء مخضرمين أو حتى جدد في الحكومة الأردنية قد تكون أسهل توقعاً من الإطاحة بفرق عريقة مثل إنجلترا وألمانيا في المونديال والأخيرة حصلت فعلاً.
النائبة طهبوب تصعد اليوم وعلى المستوى الشعبي على الطريقة الكرواتية، وبيدها فقط أن تحدث الاختراق الكبير وتفوز في المنصب الوزاري لصالحها وصالح كتلتها التي تآكلت شعبية رموزها بصورة واضحة، والاهم لصالح جسر يريد له الرزاز أن يمتد بين حكومته وكل الاطياف بما فيها الاخوان المسلمين. بيد طهبوب وحدها أن تكسر “تابو” العطور الفرنسية في وزيرات الحكومة الحالية. (فرح مرقه / راي اليوم)