أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات برلمانيات وفيات جامعات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

لماذا نجدد مع الصندوق؟


سلامة الدرعاوي

لماذا نجدد مع الصندوق؟

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ
أثارت الإجابة الصحفية لنائب رئيس الوزراء خلال أعمال ملتقى "عام على التحديث" في البحر الميت تساؤلات حول وجود سيناريوهات عدة بخصوص العلاقة مع صندوق النقد الدولي، حيث طرح المراقبون تساؤلات حول ما إذا كان الأردن سينهي البرنامج الحالي مع الصندوق بحلول نهاية العام، ويتخرج منه نهائيا، ولا يعود إلى البرامج مع المؤسسة الاقتصادية العالمية.
أوضح رئيس الوزراء الأمور من خلال توجيهه للفريق الوزاري المعني، وهم وزيرا المالية والتخطيط ومحافظ البنك المركزي، بإجراء مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي لإبرام اتفاق جديد يبدأ العمل به في بداية العام المقبل.
يستطيع الأردن أن يعمل على تنفيذ خطة اقتصادية لوحده، بمعزل عن اتفاق مع المؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي. لكن السؤال يبقى: هل يستطيع الأردن فعل ذلك؟
نعم، يستطيع، إذا ما كانت هناك عملية مؤسسية في تنفيذ البرامج الاقتصادية تشارك فيها كافة مؤسسات الدولة من حكومة ومجلس نواب ومؤسسات مختلفة قادرة على تنفيذ خطة وطنية بطريقة مستمرة، والتي ليست مرتبطة بحكومة معينة أو بشخص معين.
لكن للأسف، التجارب الفعلية على أرض الواقع تشير إلى أن كل حكومة تضع خطة، تأتي الحكومة التي تليها لتعتبرها بأنها لا قيمة لها، وتضع خطة بديلة، مما أفقد عملية الاستمرارية في التنفيذ مصداقيتها، وأصبح الأردن مختبرا للتجارب بين الحكومات وخاضعا لمزاجية المسؤولين.
الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو أمر مهم جدا للأردن، لأن المملكة هي الدولة الوحيدة المستوردة للنفط التي تتمتع باتفاق مع هذه المؤسسة الدولية. ففي حين أن باقي الدول المستوردة للنفط في المنطقة تسعى جاهدة للاتفاق مع الصندوق نتيجة لأوضاعها الاقتصادية المتردية وانخفاض تصنيفها الائتماني وعدم قدرتها على الحصول على تمويل مرن، إضافة إلى مشاكلها المتعلقة بعملتها الوطنية.
الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو مسألة استراتيجية ضرورية في هذه المرحلة بشكل خاص، لأنه يساهم في توفير مساحة مالية جديدة للحكومة للحصول على تمويل مالي قادر على تلبية احتياجاتها التمويلية وبأسعار فائدة أقل مما هي عليه في الأسواق الدولية.
الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يعني حسن الكفالة لدى المانحين والدول الصديقة التي تقدم المساعدات للأردن، والتي بدورها ستطمئن بأن الأردن ينفذ مسيرة الإصلاح بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وأنه لا يتراجع فيها بشهادة الصندوق، وبالتالي فهذا نوع من الطمأنينة لدى هذه الدول في منح المساعدات للمملكة، وأنها تذهب بالشكل الصحيح وفق ما هو مخطط له.
حتى مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية مثل موديز وفيتش وستاندرد آند بورز وغيرها، كلها تضع في معايير مراجعتها للأداء الاقتصادي والمالي للدول علاقة هذه الدولة مع صندوق النقد الدولي.
وبالتالي، إذا ما لاحظنا أنه في السنوات الأخيرة كان التصنيف الائتماني للمملكة مستقرا، وفي بعض الأحيان يدعم بنظرة مستقبلية إيجابية، وهذا نتيجة استمرار عملية الإصلاح المرتبطة ببرنامج التصحيح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، فقد انعكست هذه العلاقة بشكل كبير على قدرة الأردن في الحصول على سندات يوروبوند من الأسواق الدولية بأسعار فائدة أقل مما هي عليه في الأسواق، وبطلب تجاوز ستة أضعاف ما يحتاجه الاقتصاد الأردني.
الأردن بأمس الحاجة إلى تجديد اتفاقه مع صندوق النقد الدولي، حتى يبقى على العلاقة المرنة والسليمة مع المانحين والمؤسسات الدولية.
وبعيدا عن الشعبويات، نحن في الأردن، للأسف، غير قادرين على ضمان استمرارية أي عملية إصلاحية في ظل الوضع الإداري الراهن للقطاع العام.
وقد أثبتت التجارب على أرض الواقع تعدد المرجعيات في تقييم وتنفيذ أي خطة إصلاحية، حيث كانت نسبة الإنجاز فيها ضعيفة جدا، والكثير من هذه الخطط وضعت على الرف دون تنفيذ.
العلاقة المؤسسية مع صندوق النقد الدولي، باختصار، تعني ضمانة في تنفيذ عمليات الإصلاح الداخلي والهيكلي في الاقتصاد الأردني، وعلاقة مرنة مع المؤسسات الدولية، وتوفير مساحات مالية مهمة للحكومة في الحصول على تمويل بأسعار فائدة أقل مما هي عليه في الأسواق الدولية.
وهذه ميزة تفتقدها الكثير من الدول التي تسعى جاهدة لإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ولا ننسى في النهاية أن تفاصيل الاتفاق مع صندوق النقد يتم وضعها بأيد أردنية، وليس كما كان في السابق حيث تأتي وصفاته من الخارج.
لذلك، البرنامج الحالي الذي سينتهي العمل به هو برنامج أردني بحت، لكنه بضمان الدولية في التنفيذ والرقابة، والأمر كذلك بالنسبة للبرنامج المقبل، فنحن بحاجة إلى برنامج بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، حتى نضمن استمرارية العمل والإصلاح.
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ