ماسمعه الطاقم الحكومي المصغر برئاسة رئيس الوزراء عمر الرزاز من ملاحظات وانتقادات نيابية خلال اجتماعاته مع الكتل النيابية الأسبوع الماضي، سيستمع إليه مجلس الوزراء"المكبر" مرة ثانية على مدار الأسبوع الحالي من النواب كتلا وأفرادا.
ليس واضحا بعد إلى أي مدى ساهمت الاجتماعات المغلقة مع الكتل النيابية في ترطيب الأجواء والتخفيف على الحكومة تحت القبة، والأهم من ذلك كسب مؤيدين جدد للتصويت لصالح الثقة.
كان الرزاز حريصا خلال اللقاءات مع الكتل النيابية على إظهار أكبر قدر من المرونة مع المطالب النيابية، والتفهم لملاحظات النواب على التشكيلة الوزارية، فترك الباب مفتوحا لتعديل وزاري بعد مرور مائة يوم لامتصاص الانتقادات الحادة، وتفاعل بشكل إيجابي مع طلب نواب دراسة إصدار عفو عام مشروط، وأيد ملاحظاتهم بضرورة التنسيق المسبق قبل زيارات الوزراء للمحافظات، وتوسيع دائرة الحوار حول الإصلاحات السياسية لتشمل قانون الانتخاب. وخلف الكواليس يجري البحث في إمكانية الاستجابة لبعض المطالب المناطقية والخدمية للنواب.
لكن ذلك على أهميته لن يخفف من حدة الكلمات النارية للنواب تحت القبة، خاصة من بعض الوجوه البارزة التي تغيبت عن لقاءات الرزاز.
رغم الملاحظات النيابية المشروعة على التشكيلة الوزارية، إلا أن عددا غير قليل من النواب يدرك بأن الرزاز يحظى بالصدقية والاحترام لاسباب كثيرة، لكن التغيير الحكومي جاء في لحظة سياسية فارقة، شعر معها النواب أنهم الطرف الخاسر، ولايودون تفويتها دون تسجيل موقف للتاريخ، يعوض ما دفعوه ثمنا من شعبيتهم.
بيد ان أخطر مايمكن أن يواجه الحكومة في المرحلة المقبلة، هو تشكل جبهة شعبوية واسعة على وقع شارع محتقن ومزاج نيابي حاد يعيش تحت ضغط قواعده الانتخابية.لن تستطيع الحكومة مجاراة هذا المناخ كثيرا، وإذا ما سايرته في الوعود والتعهدات، فلن تكون قادرة على الوفاء بها.
لقد حاول رئيس الوزراء في الاجتماعات الأخيرة مع الكتل النيابية توضيح الحدود الفاصلة بين الواقع والطموح،لكن أحدا في الشارع أو المجلس لايود أن يسمع ذلك،فقد انبرى ساسة ومثقفون إلى تحميل الرزاز مايكفي لأن يغرق حكومته بسرعة قياسية،وقد رد عليهم بالقول إن الاصلاح ليس مجرد تشريعات نقرها،بل عملية ثقافية عميقة تحتاج لبناء متدرج تحكمه صيرورات اجتماعية واقتصادية لاتتوفر بكبسة زر.
إذا كتب لحكومة الرزاز أن تجتاز عتبة الثقة النيابية، فإن أنسب ما يمكن أن يفعله بعد مئة يوم هو الأخذ بنصيحة كتلة الاصلاح النيابية،بتمثيل مختلف التيارات السياسية والنيابية وفي مقدمتها"الاصلاح" في حكومته،ليتسنى للجميع المشاركة في تحمل عبء المسؤولية في هذه المرحلة الحساسة، واختبار القدرة على الاصلاح من الداخل وفق المعطيات المتاحة.
بمعنى آخر إعادة هيكلة الحكومة لتصبح حكومة تمثيل نيابي في صيغة أقرب ماتكون للحكومة البرلمانية،لنعيش معا تجربة جديدة لمدة عامين تقريبا قبل أن نحسم خياراتنا بشأن قانون الانتخاب ومستقبل الحكومات البرلمانية في القادم من السنوات.
الغد