ملاحظة ..الفقرتان السابقتان لا طعم لهما ولا مسوغ سوى الإشارة الى اللاجدوى من الكتابة، لكن ماذا نقول كي يفهم بعضنا بأنهم لا يقدمون جميلا حين يخوضون في فحش الحديث أو ترفه، بينما «النار أكلت ثوبك»..إيه ثوبك.
ما فائدة الحديث تنظيرا في البيانات الحكومية مثلا أو حولها، هل يملأ البطون الخاوية خبزا؟ أم ينهي الجوع المقيم للكلام الفارغ والملآن؟ ما الذي نحتاجه من الحكومة الحالية أكثر من تخفيف الضغوط الاقتصادية على المواطن، الذي طوته سنوات من المراوحات السياسية والممارسات الرسمية التي لا يصلنا عنها سوى آثارها الأسوأ؟..
قرأت وسمعت عن بعض مقالات صحفية تتقصى شكليات البيان الوزاري الذي تلاه الرزاز أمام الاعلام والنواب، وكلها تطارد بنهم ما يمكن تسميته ترفا فكريا، فهي لا تتحدث عن المطلوب مراقبته ومناقشته ثم متابعة الحكومة لتنفيذه، ضمن توقيت دقيق نسبيا، وقد تكون شخصية الدكتور الرزاز أقرب للأكاديمية منها للمهنية، وقد نفهم بأنه رجل ينظر لأفكار اجتماعية واقتصادية وسياسية ما، لكن ليس هذا ما يهمنا أو نتقصاه في أداء حكومة جاءت في ظروف استثنائية، وليس دورنا الحفر تحت دواليب القافلة لنحرفها تجاه صراعات تيارات اجتماعية وسياسية وفكرية، بل إن همنا الوطني نابع من مشاكل اقتصادية، ولا يعني هذا بأننا لا نعاني حالة سياسية اجتماعية تتطلب إصلاحا سريعا محميا بقوانين، لكن ما هي الأولويات؟ بالطبع أعتقد بأن بيان الرزاز قد حدد بعض الأولويات التي يمكن متابعة تنفيذها في فترة زمنية واضحة، ولن أتوغل في التنظير على القارىء الذي قد يفوقني ثقافة ووعيا، وسوف أختصر الـ»سولافة»:
نريد من الحكومة أن تحقق نتائج ملموسة على صعيد مكافحة الفساد، فلديها قضايا كثيرة بعضها منظور أمام القضاء أو محل تحقق في المؤسسات المعنية أو محفوظ في الأدراج .. أعطونا بعض النتائج الايجابية على هذا الصعيد لتتعزز الثقة بالحكومات وبقية المؤسسات.
«هاتوا» شفافية ومصارحة ولا تحدثونا عن مراصد إلكترونية، تنشرون فيها أخبارا رسمية، وتنالوا عليها تعليقات ساخرة ولايكات رأينا منها عشرات الآلاف، تبين إعجابها بـ»بلوزة» ترتديها قطة من قطط الانترنت..! نحن نريد «فكرة» ونتائج لتلك الأخبار الرسمية، ونسعى كي نفهم ونقتنع ببند ما في فاتورة يدفعها المواطن، كفاتورة المياه مثلا، وبند «قيمة الدعم الحكومي على الفاتورة»، ومتى ولماذا يقل الدعم أو يزيد؟.. وهل يبقى دعما حين يتم اقتطاعه من الناس.
اعطونا ضمانات بأن تستقر الأسعار على المواد الاستهلاكية الأساسية، ووضحوا لنا موقفكم من اتفاقيات التجارة العالمية، ولماذا يتوقف تدفق السلع عبر حدودنا، فيرتفع سعر تلك المنتجات حيث لا يمكن للمواطن شراؤها فيزداد غضبا وثورانا حين يجوع أبناؤه بسبب وقف تدفق السلع! هل المواطن الجائع معني كثيرا بمصدر الطعام الذي يشتريه لأطفاله أم هو معني بقدرته على شرائه ما دام صالحا للاستهلاك؟!
اعطونا تصريحا واحدا فيه معلومة حاسمة ومقنعة عن الموقف الأردني من مقولة «صفقة القرن أو الوطن البديل»، أعني غير النفي والاستخفاف بتساؤلات المتسائلين، بينما تزخر وسائل الاعلام الدولية بالتحليلات والتصريحات والخرائط والأرقام ..
لا أطلب هذا من الحكومة فقط، بل من مدبجي المدائح وخطابات الفخر وقصائد الشعر، هاتوا اعلاما رشيدا مهنيا، يحمل خطاب «العقل» .. خطاب الدولة والانسان الأردني المتحضر، الذي تاه في آفاق النضال الالكتروني وفي الفوضى بعد أن نفدت قدرته على الاحتمال..
هاتوا حلولا ولا تخلطوا الحديث عنها بالانشاء، فهذه غدت علامة مرض وليست إشارة على نبوغ أو تفوق أو ابداع.. أو لو سمحتم اصمتوا وامنحوا الحكومة فرصتها لتنفذ بعض ما جاءت به، بغض النظر عن أعضاء فريقها، فهم أردنيون كسائر المواطنين وليسوا أبطال العالم في مسافات الـ100 متر، ولا هم رواد فضاء.. خليهم يشتغلوا اولا ثم حاسبوهم وحاسبوا رئيسهم.
خلص الكلام وما دفعت شلن من أجله.
الدستور