إذا كان تمثال الثلج يبدأ بالذوبان بدءا من الرأس لمجرد اكتماله في القدمين، فإن رجال الاسفنج رغم الخفة وربما بسببها لهم الاف المسامات الفاغرة الافواه بانتظار ما يسقط عليها من سوائل، سواء كانت من المطر او الحساء او الكاز او اي سائل آخر.
ولو تخيلنا ان رجال الاسفنج لهم مهنة معترف بها لكانت الامتصاص والاستهلاك بامتياز، فهم ليس لديهم ما يمنحونه او حتى يرشح منهم للاخرين وقد ينعمون في بادىء حياتهم بالراحة، لكن ما ان تأزف لحظة الاختبار حتى تنقلب المعادلة تماما، وتلك حكاية قرأناها في صبانا بالمدارس الابتدائية عن حمارين كان احدهما محملا بالاسفنج والاخر محملا بالملح، وبقدر ما كان حمار الملح ينوء بحمولته كان حمار الاسفنج سعيدا وشعر بالرشاقة، لكن ما ان بلغا نهرا وكان عليهما ان يقطعاه حتى تبادلت الكوميديا والتراجيديا الادوار، فحمار الاسفنج لم يعد قادرا على الوقوف، اما حمار الملح فقد اذاب الماء حمولته واصبح خفيفا وطليقا.
تلك الحكايات قد يتصور البعض انها للتسلية، لكنها ذات ايحاءات ودلالات لا نهاية لها، ولكل قارىء ان يفسر الملح والاسفنج كما يشاء، ومن خلال منسوب وعيه وتجاربه في الحياة.
ورجال الاسفنج لا يختارون السائل الذي يتسرب من مساماتهم وعليهم انتظار ما يضغط عليهم كي تخف الحمولة!
وفي عالمنا الذي يعج بكل النماذج البشرية ثمة متسع لرجال الاسفنج فهم أصداء وليسوا أصواتا!!
الدستور