«فك لغز» تسعيرة المشتقات النفطية في الأردن عبر وزيرة الطاقة هالة زواتي يوم أمس، يهدف بشكل رئيس وبعد أكثر من عشر سنوات لاطلاع المواطن الأردني على الكلف الحقيقة التي شكلت أسعارها أزمة للمواطن على الدوام، رغم ان المواطن كان يعلم تماما بأن ما يثقل كاهله هو الضرائب على المحروقات وليست كلفة المحروقات الحقيقية.
وقبل ان نعرض لمدلولات الأرقام المعلنة والتي يعتبر معرفتها حق وليس منة، أود أن أبسط الأرقام التي أعلنت عنها زواتي بشكل أدق حتى يفهمها المواطن البسيط، حيث يدفع المواطن الأردني وحسب التسعيرة الحالية ضريبة على تنكة الكاز (20 لترا) البالغ سعرها 12 دينارا و30 قرشا ضريبة بنحو 3 دنانير وعشرين قرشا، وتتقاضى الحكومة عن تنكة الديزل البالغ سعرها 12 دينارا و30 قرشا ضريبة بنحو 3 دنانير و22 قرشا.
أما النسبة الكبيرة من الضريبة فيتم تقاضيها على البنزين بنوعيه، ذلك أن هذه المادة هي الأكثر استهلاكا، فالمواطن يدفع نحو 7 دنانير و73 قرشا على تنكة البنزين 90 (20 لترا) البالغ سعرها 16 دينارا و30 قرشا ، كما يدفع ضريبة بقيمة 12 دينارا و51 قرشا على كل تنكة بنزين 95 التي يبلغ قيمتها 21 دينارا.
ويمكن من خلال هذه الأرقام الوصول الى ما يلي:
أولا: مع تجاوز قضية الدخل الشهري للمواطن الأردني، سنفترض أن مواطنا يستهلك 8 تنكات بنزين في الشهر بقيمة 130 دينارا فإنه يدفع 61.60 دينار ضريبة، واذا اضفنا لها 8 تنكات كاز في الشهر خلال فصل الشتاء بقيمة 98 دينارا فانه يدفع 25.48 دينار ضريبة، وبالمجموع فانه يدفع 86 دينارا ضريبة من أصل 228 دينارا هي قيمة مشترياته من المحروقات شهريا، أضف الى ذلك كلفة ما يدفعه من زيادة أسعار على السلع المستخدم في انتاجها المحروقات وهي كثيرة.
ثانيا: استهلاك المواطن الاردني العادي من المشتقات النفطية خلال فصل الشتاء كما هو واضح يمكن ان يصل الى 228 دينارا، وهي تمثل تقريبا ثلث دخل المواطن، علما بان هناك من يختلفون كثيرا معي في هذه الجانب، بأن أغلب المواطنين لا تتعدى دخولهم 500 دينار شهريا.
ثالثا: لم تكن الحكومات السابقة ترحم المواطن في هذا الصدد، وكانت تلجأ الى تثبيت السعر حتى في حال انخفاض المؤشر العالمي، لسبب وحيد، وهي عدم رغبتها بتراجع عائداتها من الضرائب، وهنا الخطورة، بان الضرائب هي نسبة وليست مقطوعة وترتفع منها العوائد كلما رفعت الحكومة على المواطن أسعار المشتقات النفطية.
رابعا: «كود» التسعيرة، يفضح الخطوة التي اتخذتها حكومة الدكتور هاني الملقي المقالة مستغلة قضية «النسبة» عندما رفعت تنكة البنزين العادي 90 قرشا، وبالتالي فان حصتها منها على كل تنكة تبلغ نحو 42 قرشا، 57 قرشا على كل تنكة بنزين 95 اضافة المشتقات الأخرى.
خامسا: لا يجوز ان تكون الضريبة المفروضة على المشتقات النفطية حسب النسبة، لان النسبة تعني ببساطة بان الحكومة الاردنية تفرض ضريبة تصاعدية على المشتقات النفطية بشكل شهري، وهو أمر غير معمول به الا في دول قليلة بالعالم وبنسب لا يمكن ان تصل في أي حال من الأحوال ما تفرضه الحكومة.
سادسا: شعور الحكومات بالواقع المعيشي لمواطنها، لم يكن يوما مدرجا ضمن تسعيرة المشتقات النفطية، ويشي بان الحكومات السابقة كانت تسعد في كل مرة يرتفع فيها سعر المشتقات النفطية عالميا، فزيادة الأسعار تعني زيادة دخلها من الضرائب، وبعبارة شعبية «أنا والدنيا على المواطن».
خطوة اعلان «الكود السري» جيدة، كونها تلخص للمواطن طريقة تعامل الحكومات مع جيبه الفارغ، وسد عجزها وفشلها في السياسات الاقتصادية عبر فرض ضريبة تصاعدية أزلية تمكنها من تحقيق أرباح على حساب معاناته، وهو ما لا يجب ان يسمح المواطن بتكراره في الأيام المقبلة.
الدستور