مدار الساعة - تبنت وسائل إعلام تابعة للمعارضة السورية، أخبارا غير صحيحة وشائعات تتحدث عن اطلاق القوات المسلحة الأردنية النار على نازحين سوريين فارين من المعارك الدائرة في جنوب البلاد التي استقبل منها الأردن منذ اندلاع الأزمة في العام 2011، نحو 1.3 لاجيء سوري.
ووفق بحث أجراه مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، فقد تبين أن "تلفزيون سوريا" التابع للمعارضة ومقره تركيا، أول من روج لشائعة تحت عنوان تقول "ارجعوا.. الجيش الأردني يطلق النار على نازحين من درعا (فيديو).
وتبين أن الفيديو يظهر حشدا من النازحين داخل الأراضي السورية، ومحاولتهم تنظيم أنفسهم، في الوقت الذي لا يظهر أي احتكاك مباشر لأفراد القوات المسلحة الأردنية مع أي منهم، كما لم يسمع أي صوت لإطلاق عيارات نارية.
وتشن القوات الحكومية السورية هجوما ضخما لاستعادة مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، بجنوب سورية، ومجاورة للأردن ومرتفعات الجولان السورية المحتلة، معلنة انهيار اتفاق خفض التصعيد في جنوب البلاد الذي تسيطر فصائل المعارضة السورية على نحو 70 % من مناطقه.
وتحت عنوان "بالفيديو.. الجيش الأردني يطلق الرصاص على نازحين من درعا"، نشر موقع الدرر الشامية خبرا يتضمن ذات المعلومات المنشورة، متحدثا أيضا عن ضغوط شعبية أردنية تطالب الحكومة فتح الحدود أمام حركة النازحين السوريين الذي قدرت منظمات دولية عددهم حتى الأن بنحو 250 الف نازح وجهات إعلامية قدرتهم ب500 الف نازح.
الاعلامي ومقدم البرامج السوري في قناة الجزيرة فيصل القاسم شارك خبر "تلفزيون سوريا" المعارض على منصتيه في "تويتر" و"فيسبوك" ، كما تداوله ناشطون سوريون و مواقع إخبارية سورية على منصات التواصل، الا أن الخبر لم ينشر في أية وسيلة اعلامية محلية أو عربية أو دولية تراعي الدقة والمصداقية فيما يصدر عنها.
وهذه ليست المرة الأولى التي تروج فيها وسائل اعلام سورية شائعات حول ما يجري على الحدود الشمالية للأردن، فقد نشر موقع إخباري سوري خبرا في 13 أيار الماضي تحت عنوان "حرس الحدود الأردني يطلق النار على طفل سوري في درعا!" خلال تدريبات عسكرية بالقرب من مناطق سكن النازحين، ولم ينشر هذا الخبر في أي ووسيلة اعلام أخرى.
وكذبت مصادر أردنية المعلومات التي تناقلها موقع إخباري سوري، "ادعى فيها ان الجيش الأردني يطلق النار على نازحين من درعا لمنعهم من دخول الأراضي الأردنية بعد أن تجمعوا عند معبر نصيب الحدودي هرباً من قصف القوات الحكومية وروسيا".
كما قال مدير التوجيه المعنوي العميد عودة شديفات خلال استضافته على اذاعة "جيش اف ام" عبر برنامج "هنا الأردن"، " أنه يوجد الكثير من المندسين ويمتلكون السلاح بين النازحين بالقرب من الحدود الاردنية، حيث يوجد اشخاص يتسللون بلباس نساء وهويات مزورة".
ويصر الأردن الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، على عدم فتح حدوده أمام حركة النزوح السوري جراء المعارك الدائرة في منطقة خفض التصعيد بالجنوب السوري، مؤكدا ضرورة تقديم المساعدات للسوريين في أرضهم وتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في هذا الصدد، الى جانب حملة رسمية وشعبية أردنية تم اطلاقها لجمع المساعدات للنازحين السوريين.
ماهر الشوابكة: الشائعات هدفها التشويش على الموقف الأردني الرافض لاستقبال موجات جديدة من اللاجئين
ويؤكد الصحفي المختص بالشأن السوري في صحيفة "الغد" ماهر الشوابكة، ان "ما تداولته جهات اعلامية تابعة للمعارضة السورية من اطلاق النار على نازحين سوريين غير صحيح، وهدفه التشويش على الموقف الأردني الرافض لاستقبال موجات جديدة من اللاجئين لأسباب سياسية بعيدة المدى".
ويشير الشوابكة في تصريح ل"أكيد"، الى أن "الموقف الأردني يهدف الى تثبيت سكان الجنوب السوري في مناطقهم وعدم الاستجابة لضغوط اعلامية هدفها تغيير الواقع الديمغرافي في منطقة الجنوب السوري، خاصة وان دولة مثل الأردن اثبتت على مدى سنوات الأزمة حرصها الانساني على التعامل مع ملف اللجوء السوري، ولا يمكن الدخول من هذا الباب للتشكيك في دورها الانساني والسياسي الداعي الى انهاء الصراع بالطرق السلمية".
أحمد أبو خليل: أطراف تنتقد الموقف الأردني من قناة البعد الانساني لكنها في الحقيقة لها نوايا غير بريئة
وقال الكاتب الصحفي أحمد أبو خليل ، "مثل هذه الشائعات لا يمكن تصديقها، ذلك أنها تأتي في اطار محاولات ضغط أطراف على الأردن لثنيها عن قرارها بعدم فتح الحدود أمام النزوح من مناطق الجنوب السوري"، مؤكدا أن "أطرافا تنتقد الموقف الأردني من قناة البعد الانساني، لكنها في الحقيقة لها نوايا غير بريئة، وأخرى تبحث عن خلق أزمة مفتوحة جديدة".
ويشير أبو خليل الى أن الأرقام التي يتداولها الإعلام عن عدد النازحين من الجنوب السوري غير دقيقة، لافتا الى أن "عدد سكان منطقة درعا كان قبل اندلاع الأحداث في سوريا مليون و85 الف شخص، وأخليت خلال فترة النزاع قرى بأكملها، فلا يعقل ان يصل عدد النازحين الأن الى 500 الف نازح".
ويرى أن "الموقف الأردني نابع من مقاربة تنطلق من ظروفه الاقتصادية وجزء منها يرتبط بالمصلحة الوطنية"، لافتا الى أن الدور الأردني منذ بداية الأزمة "يحرص على توازنه والحيلولة دون ان يكون طرفا في الأحداث وخاصة ما يتعلق منها بالجانب العسكري".