مدار الساعة - تحت عنوان "الولاية الغائبة في الأردن.. فك الله أسرها" كتب مالك العثامنة مقالا في "الحرة" تساءل فيه عن عن قدرة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، على انتزاع الولاية الغائبة عن الحكومة؟
واستهل العثامنة مقاله، التي رصدتها "مدار الساعة" بحكاية، جاء فيها:
يؤكد كثيرون ممن عايشوا مرحلة رئيس الوزراء الأردني وصفي التل (اغتيل عام 1971) وعاصروها وشهدوها، أنه كان يحمل في جيبي "جاكيته" دوما ورقتين، إحداهما استقالة حكومته موقعة وينقصها التاريخ فقط والثانية تنسيب (طلب) من حكومته للملك بحل المجلس النيابي.
المرويات كثيرة عن ذلك، ومن بينها ما يرويه كثيرون أن اجتماعا للحكومة ترأسه الملك الراحل الحسين بحضور الرئيس وصفي التل، وأن التل وضع يده في جيبه ليتناول منديلا، فضحك الملك حسين وقال له: أقلقتني يا دولة الرئيس، حسبت أنك ستخرج من جيبك الاستقالة.
تلك كانت حيلة وصفي التل الدستورية للحفاظ على ولايته العامة والتامة رئيسا للوزراء.
أما بعد، تابع العثامنة:
يحتاج المرء إلى كثير من ضبط النفس وكثير أيضا من مسكنات الصداع حين يتجول متصفحا وسائل التواصل الاجتماعي الأردنية ويحاول قراءة توجه أردني جمعي مشترك فيما يتعلق بالشأن الأردني نفسه.يمكن لك أن تقرأ بوضوح ومن دون عدسات مكبرة مواقف الأردنيين (على انقسامها) في كل قضايا الكون لكن بلا شك سيصيبك الإحباط حين تحاول جاهدا أن تبحث عن مواقفهم الحاسمة والواضحة نحو قضيتهم المحلية، والتي تجلت تشظياتها مؤخرا بتشكيل حكومة الدكتور عمر الرزاز.
وقال العثامنة:
في حكومة الدكتور عمر الرزاز، هناك انعطافة لافتة في النهج، وهو المطلب الأول في حراك الشارع الأخير حين نادى بتغيير النهج. وتلك الانعطافة تمثلت في أن الشارع فعليا وعمليا قفز فوق الحواجز الأمنية والسياسية والعشائرية وأسقط حكومة هاني الملقي، وفعليا هو أسقط كل ما يمثله الوزير "الملكي" جعفر حسان من نفوذ!
لكن حسب ما أقرأ وأسمع وأشاهد من زملاء ومسؤولين أتواصل معهم في قراءاتهم للمشهد السياسي الأردني، فإن هناك حذرا في ابتلاع وصفة التشكيلة الحكومية للرزاز، تلك التشكيلة التي أخذت فترة تفكير ودراسة غير مسبوقة في تاريخ تشكيل الحكومات الأردنية لتنتهي إلى إعادة تدوير وزراء في الحكومة المسقطة شعبيا، مع إضافات نوعية جديدة شكلت بحد ذاتها صدمة للوعي الأردني المحافظ بطبعه (وهي صدمة يمكن قراءتها إيجابا أو سلبا من حيث زاوية الرؤية).
والحال كذلك! ما الحل؟ كيف يمكن كسر تلك الدائرة التربيعية التي تشبه مصيدة محكمة في المشهد السياسي الأردني.. ما هو النهج الذي يجب تغييره؟ وكيف؟
واضاف العثامنة:
السؤال الذي يطرح نفسه مرميا على قارعة كل نهج ومنهجية وطريقة تفكير أو قراءة: هل يمكن لشخصية بالغة التهذيب على كل ثقافتها الموسوعية ورؤيتها الوطنية مثل شخصية الدكتور عمر الرزاز، أن تنتزع الولاية الغائبة عن الحكومة؟ هل يمكن للرزاز، الذي لم يعرف عنه أنه مقاتل شرس، أن يقاتل مراكز القوى المتعددة والمتناحرة مع بعضها فيقف في وجهها رئيسا لحكومة المملكة الأردنية الهاشمية؟
هل يمكن لحكومة الرزاز أن تنال ثقة مجلس نواب فاقد شعبيته بالمطلق ويمثل مصالح كل تلك القوى التقليدية والمستحدثة؟ وهل في جيب الرزاز ورقة استقالة حكومته أو ورقة تنسيب حل المجلس النيابي كموقف أخير يفتح نفق الخروج؟