مدار الساعة - كتب: محرر الشؤون السياسية - لم ينكر الأردن في يوم من الايام او مرحلة من المراحل ما يتلقاه من دعم الاشقاء سواء على شكل مساعدات عاجلة او آجلة وذلك بحكم الظروف السياسية والاقتصادية التي تواجهه، وهي ظروف ليست من صنع الاردن على كل حال.
من حيث الظرف السياسي، فإن الاردن ظل شريكاً رئيساً في تقديم المساعدة المادية والبشرية عند أزمات الحروب التي كانت تخوضها الأمة من محيطها الى خليجها، حتى ان الجيش الاردني سميّ بالجيش العربي، وما يزال هذا الشعار على جبين ابنائه العسكر.
وفي هذا الجانب ايضاً، فإن الاردن تحمل الكثير من كلف وأعباء القضية الفلسطينية وهي قضية مركزية لم ولن يتخلى عنها والى ان تقام دولة فلسطين وينعم الشعب الفلسطيني الشقيق بالحياة الكريمة.
ومن حيث الظرف الاقتصادي، فإن تبعات الكلف السياسية للحروب التي خاضها العرب منذ عصر الاستعمار ومروراً بالحرب مع اسرائيل وصولاً الى الحروب التي تدور حالياً في المنطقة، يعد الاردن اكثر دولة عربية وعلى مستوى العالم تتحمل اثمانها حيث النزوح واللجوء اليه من جميع شعوب الاشقاء التي تواجه هذا الحريق،الى جانب تقديم الرعاية الصحية للجرحى، ما وضع موارده وبنيته التحتية وخدماته اللوجستية تحت الضغط الذي لا يُحتمل.
ان دولة كالاردن، وفي هذا الموقع الجغرافي الذي جعلها في "عين العواصف" أياً كانت اشكالها، اقليمية او دولية، او على مستوى الاشقاء العرب، يجب ان ينظر الى الدعم الذي يُقدّم له، بأنه دعم ليس للاردن فحسب، وانما خدمة للأمة بأسرها، ذلك ان تهديد اي دولة عربية، هو تهديد لكل دولة شقيقة، قريبة او بعيدة عن دائرة الصراع، وضغط على مواردها وقلق لشعبها، وهذا ما أكدته النزاعات فوق مناطق عالمنا العربي.
لقد اكدت حركات الربيع العربي مطلع العقد الماضي، وما نجم عنها من ويلات، والى يومنا هذا، ان الضرر الذي لحق بالاردن، لا يقل عما لحق بالدول المشاركة في الحرب هنا وهناك، وبعد ان اخذ الارهاب يفرّخ ويضرب بالبلدان العربية ويهدد مصالحها وحياة شعوبها في كل حين، وجعل الاردن بحكم موقعه الاستراتيجي على عديد الجبهات في حالة استنفار دائم لقواته المسلحة واجهزته الأمنية، وهذا الاستنفار له كلفه المادية ايضاً، فضلاً عن التأثر الشعبي اقتصادياً، نظراً للحالة السياسية في المنطقة واللجوء والنزوح كما اشرنا.
يقودنا كل ما تناولناه، الى ضرورة ان يكون للأشقاء العرب، ليس فقط السعودية والكويت والامارات وانما كل الدول التي تمتلك الثروات والمال، تفهم عند تقديم الدعم للأردن، تفهم من حيث ان يكون على وجه السرعة، وليس لسنوات، لأن الكلف التي يتحملها هذا البلد آنية في استحقاقاتها، ولا تقبل التأجيل والخطط والبرامج المستقبلية، ومن جهة أخرى، قيمة هذا الدعم، اي الزيادة سواء في الودائع او الاستثمارات او المساعدات الطارئة.
هذا الدعم مقدر للأشقاء من قبل القيادة والاردنيين، ولكن الأعباء على الاردن ثقيلة وجسيمة، واكبر من طاقته وامكاناته، فالاعداد التي توجد فوق الارض الاردنية تعادل نحو نصف الشعب الاردني، وهي اعداد تشارك ابناء الوطن في السكن والصحة والتعليم والمياه والغذاء، وصارت تنافسهم في العمل والوظيفة، ما وضع الاردنيين امام حالة اقتصادية لم يواجهوها من قبل.
نأمل ان يسارع الأشقاء العرب الى اسناد الاردن وتعزيز مواقفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والا فإن تضعضع هذا البلد لا قدر الله، ستكون العواقب مدمرة أكثر ما يشهده العالم العربي من دمار وعدم استقرار.