انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

المحافظة يكتب: الدولة المدنية بين الاستحقاق والغموض

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/02 الساعة 21:20
حجم الخط

بقلم: د. محمد المحافظة

كثر الحديث في السنوات القليلة الماضية عن مفهوم الدولة المدنية واهميتها في تحقيق التقدم والمساوة بين ابناء الوطن وعلاقتهم بالدولة. حيث تطرقت الاوراق النقاشية الملكية الى ضرورة مدنية الدولة وربطها بالاصلاح المنشود. في خضم ذلك لا يكاد يخفى على احد ظهور فريقين احدهما مدنس للفكرة وآخر مقدس لها. وبين هذا وذاك يبقى الكثير في منطقة الحياد لاسباب كثيرة منها ايدولوجية وفكرية واخرى عشائرية تحمل عيبا يعد خطيرا بالنسبة للبعض وهي انها فكرة مستوردة من الغرب وضد الاسلام دين الدولة.

علما ان الدولة المدنية في احد اكثر التعريفات وضوحا لها هي دولة تحافظ وتحمي كل اعضاء المجتمع بصرف النظر عن انتماءاتهم و مكانتهم. فهي دولة تقوم على التسامح و قبول الاخر والمساواة في الحقوق والواجبات دون أن يخضع أي فرد فيها لأنتهاك حقوقه من قبل أي طرف أخر, والسلطة العليا هي الدولة من خلال تطبيق القانون وتحقيق مبدأ المواطنة. حيث أنها من مفهومها لا تعادي الدين أو ترفضه. حيث أن المواطنين متساوين فيما بينهم و القانون هو المهيمن عل مكونات الدولة أفرادا و سلطات.

من هنا يبرز التسائل المحيير للكثير منا لماذا الخوف والتخوف من مدنية الدولة ؟ والى متى يقف الكثير منا في مساحة الحياد التي تنتظر الجواب؟ حيث أن الاختلاف الدائر حول الدولة المدنية يسهم في غموض النظرة و تشويش الرؤية و بروز بعض التناقضات في الفكر السياسي عند البعض. ففي الحالة الاردنية هل نحت مفهوم الدولة المدنية و تبيئته أمرا جيدا؟. بحيث تجتث كافة الأزمات مثل الفقر والبطالة و تدني الخدمات.و مدى أرتباطها بالتعليم الحديث و أستخدام التقنية المعاصرة في مختلف مناحي الحياة و الأدارة الحديثة. رغم أن الكثير منا يريد تحقيق التقدم الحضاري بما لا يتناقض مع اصول الاسلام. حيث أننا لا نستطيع أن نرفض الفكرة رفضا مطلقا و لا نقبلها قبولا مطلقا. من منطلق أن الدين و الدولة مكملان بعضهما بعضا. حيث أن معضم تعريفات الدولة المدنية يعني استبعاد رجال الدين عن الحكم. حيث لابد من التوضيح أن الهدف هنا ليس أقصاء الدين بل مراقبة رجل الدين أذا ما امتلك السلطة.

فلماذا الخوف من مدنية الدولة عندما يكون غالبية ممثلوا الشعب مسلمين حيث أنهم ضمانة الالتزام بقيم الدين و ثوابته.فبعض الديمقراطيات في العالم واجهت قوانين عدة من خلال الخلفية الدينية لممثلي الشعب. قانون الاجهاض مثالا في الولايات المتحدة. ومن منطلق أن التاسيس الفكري يسبق التجربة الميدانية, نلحظ الكثير من التقصير من قبل وسائل الاعلام المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب بمختلف ايدولوجياتها حيث تتخذ دور الحياد دون تقديم الايضاحات اللازمة و كشف الغموض حول أهمية الدولة المدنية في هذه المرحلة بالذات. علما أن الكثير من الاسئلة تبقى عالقة دون اجابات من مختصين بهذا الشأن في اذهان ا شريحة كبيرة من ابناء الوطن وخصوصا الشباب الذين هم وقود التغيير. من هذه الاسئلة العديدة حيث اقوم هنا بطرح البعض منها و ليس على سبيل الحصر.
هل هناك تصادم بين القيم الاسلامية والدستور المدني؟ فليس كل من يطرح نموذج الدولة المدنية هو خارج من الملة. وهل الدولة المدنية علمانية بالضرورة؟ ماليزيا مثالا.و هل مصطلح الدولة المدنية مشبوه ويدعوا أتباعه الى تفرقة الأمة؟ و هل فيه نوع من التبعية للغرب وما هي المسوقات للقبول بهذا المصطلح؟ وهل يمكن أن تكون الدولة مدنية دون أن تكون علمانية والعلاقة بينهما متبادلة؟ وما هي حقيقة أن الدولة المدنية تمكن أي طرف من تشكيلها بحسب مبادئه و تراثة الديني و القومي؟ وهل يمكن أن تكون هناك دولة مدنية بمرجعية اسلامية أم هذا يتعارض مع مباديءالدولة المدنية؟ وهل هو مصطلح توافقي بين الاسلاميين والعلمانيين؟.

ولابد من كشف الغموض اذا ما كان هناك تعارض بين الدولة المدنية و الدولة الاسلامية أذا كان الهدف من المطالبة بالدولة المدنية هو صيانة كرامة الشعب وحفظ حقوقهم. وما موقف التكنوقراط من الدولة المدنية وهل دعمهم لها يعد ظاهريا فقط؟ وما هو البديل؟ وهل الخلاف على نقطة الحرية المطلقة مدعاة لرفض فكرة الدولة المدنية المطلقة؟ و هل الدولة المدنية بمفهومها الغربي هي شكل مختلف و غير واقعية وملائمة في الحالة الاردنية؟ مع العلم بأن بروز العديد من الأيديولوجيات الفكرية المتعددة يفرض تبني الدولة المدنية لأيجاد أطار مشترك للتعايش و التداول السلمي. وهل مدنية الدولة حل ضروري تحتم وقته في السياق الحالي بالنسبة لنا لضمان عدم وجود حالة من التشظي الواسع والأستقطاب الشديد؟. وما موقف الاحزاب الاسلامية من الدولة المدنية وهل لديها مشكلة في الالتزام بدولة مدنية؟ ويجب توضيح كيف يتم أشراك الشباب بما أنهم وقود التغيير في بناء الدولة المدنية الفاعلة.

في أجابات الأسئلة السابقة الذكر نكون قد ازلنا بعض الالتباس و الغموض و وقف الجدل الحاد بين التيارات المختلفة من مدنس للفكرة و مقدس لها. من ذوي الاختصاص ومؤسسات المجتمع المدني والاحزاب الوطنية الفاعلة . ليتم المضي قدما بما جاء بالاوراق الملكية و تحقيق التقدم والبدأ بخطوات ثابتة نحو الاصلاح المنشود. حفظ الله الوطن وقيادتة الهاشمية الحكيمة.

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/02 الساعة 21:20