مدار الساعة – كتب : عبدالحافظ الهروط – يلوح في الافق الاردني حراك شبابي يقوده ولي العهد، الأمير الحسين بن عبدالله، ويتشكل هذا الحراك على ارضية وزارة الشباب من خلال منشآتها في المملكة وامتدادات برامجها مع المؤسسات الحكومية والمنظمات المحلية والدولية.
ولي العهد وقد انتقل قبل سنوات من مخاطبة العالم باسم الشباب ومن على منبر مجلس الأمن امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومنبر كينغز اكاديمي في الاردن الى مخاطبة الشباب "اليوم" عن قرب عبر برامج الوزارة والزيارات الميدانية ولقاء المسؤولين، فإن سموه في هذا يكون مهّد لعمل وفكر شبابي يؤكدان على الانتاجية والتمسك بالقيم الوطنية التي تقف في وجه حالة النزق والعنف والاقصاء وعدم قبول الرأي الآخر.
هذا الانتقال وهذا الفكر، انما يأتيان في ظروف تتسارع فيها مظاهر سلبية مدمرة يجب الوقوف عندها لا مجرد ذكرها وحصرها، فالاردن ليس بمعزل عما يحدث في العالم، حتى نقول بأن شبابنا محصنون كامل التحصين، ولكننا في الوقت ذاته، نثق ونفخر بأن شباب الوطن عصّيون على "التغريب" و"التغريد" خارج سرب وطنهم ومحيط امتهم، اذ انهم ما يزالون على انسجامهم مع انفسهم وانهم قادرون على احداث التغييرالامثل ، رغم موجات التأثير التي هبت وغزت العالم مع ثورة التكنولوجيا وما عصفت بالمنطقة العربية على وجه الخصوص من حروب مدمرّة وتشريد ابنائها، فقد انتجت هذه الحروب خلايا التطرف والعنف، داخلياً وخارجياً.
ورغم كل ما يحدث من مظاهر تمس أمن وحياة المجتمع الاردني، اضافة للظروف الاقتصادية وما يواجهه الشباب من بطالة تزداد، ويُلقى باللوم عليهم لفعل هذه المظاهر والصاقهم بمفهوم" ثقافة العيب" الا ان الشباب لم ينزلقوا لا فكرياً ولا سلوكياً بحيث يجعلون الاردن بلداً على "شفا حفرة" لا قدّر الله، لا بل ان فيهم الخير والنخوة والانتماء والشجاعة والقدوة للأخرين من شباب الامة مثلما لديهم الصبر والحرص على وطنهم، وقد اثبتوا ذلك عند الأزمات.
هذا ما يجب ان يعرفه المسؤولون في الاردن، والقائمون على العمل الشبابي، وهو عمل لا يتوقف على وزارة الشباب ولا على جهة بعينها، فهذا البلد مكوّنه الرئيسي الشباب، وانطلاقته تبدأ من البيت الى المدرسة الى الجامعة الى الوظيفة والى مركز العمل أياً كانت حرفته، ومنهم من يذهب الى الشارع والمقهى والى اماكن اُخرى ربما يكون عرضة للإنزلاق، فعلى من تّلقى المسؤولية؟
لا شك ان الأنظار تتجه الى جميع هذه الجهات، ووزارة الشباب واحدة منها، باعتبارها مظلة شبابية رسمية، ولكن السياسة الشبابية تظل مسؤولية الدولة وهي ليست حصراً بالحكومة مع انها أكثر جهة معنية بسبب ولايتها ودورها في تنظيم المجتمع واستتباب الأمن وتنظيم العمل مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
وعودة الى الحراك الشبابي الذي يقوده سمو ولي العهد، وتواصله مع وزارة الشباب قبل ومع عهدها الجديد، وبدء تواصل الحكومة الحالية وحواراتها مع الشباب، فإن استمرارية هذا الحراك في لقاءات موضوعية ومكاشفة وبرامج يمكن تنفيذها على ارض الواقع وبحث اجتراح حلول للمشكلات وايجاد فرص عمل ، ستفضي الى اطلاق طاقات شبابية متعطلة واستنهاض همم ستستفيد منها الدولة، والأهم من هذا، رفع معنويات الشباب وتعزيز الثقة بهم في المشاركة والمبادرة واتخاذ القرار الوطني.
اما ما يتعلق ببرامج وزارة الشباب، وكما اطلعنا عليها الوزير بشير الرواشدة والأمين العام الدكتور ثابت النابلسي فإنها برامج ستقوم على الانتاجية وانها لن تكون تقليدية، فهناك مشاريع عمل وبرامج تعنى بكشف المواهب وصناعة النجوم، وصولاً الى فكر جديد ينزع حالة التقاعس او انتظار الفرص ، وهذه الأمور لن تحققها الوزارة منفردة رغم حالة " التفاهم والانسجام" بين الوزير والأمين، بل بتضافر مؤسسات الدولة وقناعتها بأهمية هذه الأجيال المتلاحقة في تحريك عملية البناء في مختلف الصعد.
اقول من وحي التجربة: قبل ان نقول دعونا ننتظر، دعونا نتفاءل، لأن لدينا شبابا نفخر بهم.