د. المهندس سامي الرشيد
ان التسلط الأمريكي والتصرف من طرف واحد دون النظرلمصلحة الحلفاء، سيسببون شرخا بين الفرقاء وفراقا للمصالح بين الجانبين، ويصبح العودة الى ما كانت عليه خلال الحرب العالمية الثانية ضربا من الخيال، حيث اتسع الخلاف الى التحول للحرب التجارية المستعرة بين الطرفين، لفرض امريكا تعرفة عالية جمركية على واردات امريكا من الحديد والالمنيوم الاوروبي.
ايضا لقد اختلفت المواقف السياسية للجانبين حول العديد من القضايا الدولية، آخرها العدوان الاسرائيلي على غزة، حيث تتهم غالبية الدول الاوروبية اسرائيل بالافراط في استخدام القوة ضد شباب غزة الذين يتظاهرون في منطقة السياج الحدودي وسقوط اكثر من 112شهيدا منهم.
بينما تصر الادارة الامريكية على ان من حق اسرائيل ان تدافع عن نفسها، وتلوم حماس لانها نظمت المظاهرات في الشريط الحدودي، رغم ان الاوروبيين يحاولون جهدهم الحفاظ على علاقات قوية مع الادارة الامريكية على جميع المستويات.
لكن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني الذي يعتقد الاوروبيون انه في مصلحة الامن والاقتصاد الاوروبي.
هبط مستوى العلاقات الاوروبية الامريكية الى المستوى الذي انحدرت اليه بعد الغزو الامريكي للعراق عام 2003.
اما استطلاعات الرأي الالماني تشير الى ان ثلثي الالمان يعتيرون ان الرئيس الامريكي ترامب يشكل تهديدا لامن اوروبا، أكثر خطورة من تهديدات الرئيس الروسي بوتن.
طبقا لاستفتاء اعلنته صحيفة فرانكفورتر الجماندا في الاسابيع الماضية يرون ان المانيا تتحرك بعيدا عن الولايات المتحدة ،وطالبت مجلة دير شبيغل الالمانية مقاومة النفوذ الامريكي حفاظا على مصالحها.
هذا ونعود للذاكرة بانه تم انشاء الجماعة الاوروبية للفحم والحديد عقب الحرب العالمية الثانية ،والسوق الاوروبية المشتركة ،ثم الاتحاد الاوروبي الذي بدأ1992بأربعة عشر دولة وارتفع الى 28 دولة.
كانت المبادرة الفرنسية بأنشاء الجماعة الاوروبية للفحم والصلب والتي تضم الى جانب فرنسا كلا من ايطالياوبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا،تستهدف اولا منع قيام حرب جديدة في اوروبا وثانيا البحث في امكانية التنمية الاقتصادية داخل اوروبا، اي خلق مصالح مشتركة بين مواطني تلك الدول، حيث يرون ان تحقيق مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والمالية يقتضي وجود سلام واستقرار دائمين.
لقد تطور الاندماج الاوروبي الى ان صار يشبه الفدرالية الاوروبية ،حيث يوجد البرلمان الاوروبي في بروكسل وتوجد المفوضية الاوروبية للسياسة الخارجية كما يشكل حلف الناتو الجناح العسكري للاتحاد
يفخر الاوروبيون باندماجهم وتكاملهم بوجود درجة عالية من المساواة بين الدول.
يشعر العرب بالاحباط والاسى والحزن، ليس فقط لفشل الوحدة العربية، حيث بدأبها بانشاء جامعة الدول العربية عام 1945 وذلك لسقوط ثلث الدول العربية والثلث الاخر بطريقه للفشل.
مع العلم ان فكرة الاندماج العربي بدأت قبل وجودها في اوروبا حيث وقع العرب اتفاقية الدفاع المشترك عام 1951،اما اوروبا التي لارابط بين دولها، لا لغة ولا تاريخ ولا مذهب الا الحروب التي انتهت بحربين عالميتين دمرت خلالها بلدانهم وسقط اكثر من خمسين مليون قتيل.
أما نحن اصحاب المبادئ والتاريخ المشترك واللغة والدين والدم فلم ينجح تكاملنا.
السبب الرئيسي ان جزءا من بلداننا يرتبطون بالادارة الامريكية التي لايهمها الا مصلحة اسرائيل ويهمها الا يبقى حولها دولة قوية موحدة، بل متشرذمة ومتفككة، والجزء الاخر يرتبط بروسيا التي تفضل ايضا مصلحة اسرائيل على العرب.
لن تقوم لنا قائمة اذا لم نعمل على توحيد انفسنا ونعتمد على ذاتنا وننظر لما يهمنا ويهم شعوبنا لا خير في امة لا تأكل مما تزرع ولا تلبس مما لا تخيط.
dr.sami.alrashid@gmail.com