مدار الساعة - يشهد نهاية هذا الموسم رحيل مجموعة من أبرز الأسماء في كرة القدم، التي تألقت وقدمت الكثير خلال السنوات الماضية، حيث تتابعت في الأسابيع الأخيرة رسائل الوداع، التي تعلن نهاية حقبة مع نادٍ أو انتهاء مسيرة، وجاءت آخرها على لسان نجوم كبار، مثل الحارس الإيطالي المخضرم جيانلويجي بوفون، واللاعبين أندريس إنييستا وفرناندو توريس، وكذلك المدربين آرسين فينغر وفابيو كابيلو.
وإذا كان هناك أمر واحد لا يستطيع لاعبو كرة القدم التحكم فيه على مدار مسيرتهم، فهو مرور الزمن الذي يعد المسؤول الأول عن رسائل الوداع التي سمعناها خلال الأشهر الأخيرة من نجوم وأساطير حفروا أسماءهم في تاريخ اللعبة، حيث أعلن بعضهم انتهاء مسيرته الكروية أو على الأقل مع أندية عمرهم.
وحدث هذا مع كل الأساطير مثل ألفريدو دي ستيفانو، والبرازيلي بيليه، والأرجنتيني دييغو مارادونا، والهولندي يوهان كرويف، بين لائحة طويلة من مشاهير كرة القدم الذين يبدؤون كل نهاية موسم، طريق الوداع المر.
وجاءت آخر رسائل الوداع هذا الموسم على لسان أسطورة يوفنتوس ومنتخب إيطاليا، جيانلويجي بوفون، الذي أعلن الخميس الماضي انتهاء مسيرته مع اليوفي عقب 17 موسماً قضاها بين صفوفه، دون أن يوضح ما إذا كان سيستمر في اللعب أم سيعتزل بشكل نهائي.
وبتأثر واضح، قال الحارس المخضرم (40 عاماً) في مؤتمر صحافي مع رئيس اليوفي، أندريا أنييلي، إنه اتخذ قرار إنهاء مسيرته مع "السيدة العجوز" الذي انتقل لصفوفه عام 2001، قادماً من بارما، وتوج معه بلقب الدوري الإيطالي 9 مرات، إضافة للقبين تم إلغائهما، وبلقب كأس إيطاليا 4 مرات و5 مرات بلقب السوبر الإيطالي.
وأبرز بوفون لحظة إعلان رحيله عن "البيانكونيري"، "اليوم مليء بالمشاعر الممزوجة بالسعادة والطمأنينة، وتلك المشاعر نتيجة رحلتي الاستثنائية التي قضيتها مع الفريق".
وكان بوفون أعلن قبلها اعتزاله اللعب دولياً بعد أن عجز "الآزوري" عن التأهل للمونديال المقبل في روسيا إثر السقوط في الملحق أمام السويد، ليحرم بذلك الحارس الأسطوري من خوض سادس مونديال له، لكن يظل في جعبته لقب كأس العالم 2006 في ألمانيا.
وينحي الحارس المخضرم قفازيه مع يوفنتوس جانباً، دون أن يستطيع رفع كأس دوري أبطال أوروبا، اللقب الوحيد الذي ينقص خزائنه، رغم وصوله للنهائي 3 مرات في أعوام 2003 و2015 و2017.
ولكن بعيداً عن البطولات، صنع بوفون لنفسه سمعة عالمية بفضل روح القيادة والولاء، الأمر الذي لا يعترف به زملاؤه في الفريق فحسب، بل والمنافسون أيضاً، لذلك فهو لا يزال يشعر بالفخر والرضا، خاصة وأنه سطر صفحة لن تنسى في كتاب كرة القدم الإيطالية والعالمية، حسبما صرح في المؤتمر الصحافي الأخير.
ومن جانبه، يودع برشلونة هذا الموسم قائده أندريس إنييستا، بعد 16 موسماً قضاها مع الفريق الأول، توج خلالها بـ32 لقباً، فضلاً عن أنه كان اللاعب الحاسم في فوز منتخب إسبانيا بمونديال جنوب أفريقيا 2010، وكأس أمم أوروبا في نسختي 2008 و2012.
وفي المؤتمر الصحافي الذي أعلن خلاله قرار رحيله عن نادي عمره، برشلونة، قال إنييستا: "مسيرتي تنتهي لأن هذا الفريق الذي تبناني وأنا في 12 من عمري يستحق أفضل نسخة مني، وهذا ما قدمته حتى الآن، وفي المستقبل الأقرب لن أستطيع أن أقدم له الأفضل على المستوى البدني والذهني.. لن أسامح نفسي إذا وجدت نفسي في وضع غير مريح بين صفوف النادي الذي منحني كل شيء".
ويعد إنييستا، الذي أتم في 11 مايو (أيار) الجاري عامه 34، لاعباً عبقرياً ومتنوعاً وفنان في تعامله مع الكرة، استحق عن جدارة لقب "الرسام"، كما أنه شخصية تأسر قلوب المشجعين في كل ملعب يزوره، فهو يمثل ماهية اللاعب النموذجي سواء داخل أو خارج الملعب، هو الابن والزوج المثالي الذي يصعب أن تجد شخصاً لديه أي تحفظ على شخصيته.
ولم يوضح اللاعب وجهته المقبلة التي ذكرت بعض التقارير أنها قد تكون الصين أو اليابان، في دوري أقل حجماً، حيث سيبدأ رحلة التخلي عن عشقه الأكبر بالتدريج.
ويحظى إنييستا بقدر كبير من الاحترام والإعجاب لدرجة أن مجلة فرانس فوتبول اعتذرت لأنها لم تمنح جائزة "الكرة الذهبية" للاعب الوسط الإسباني.
وذكرت المجلة التي تمنح هذه الجائزة أنه "من بين كل المميزين الذين لم يحصلوا على الكرة الذهبية، عدم فوز إنييستا بهذه الجائزة هو أكثر ما يؤلمنا"، مضيفة أن "موهبته تكمن في خلق مساحات للآخرين. فهو يتميز بإيثار حرمه بالتأكيد من الحصول على جوائز أعلى مكانة".
ويودع إنييستا جماهير البرسا في مباراة الفريق الكاتالوني أمام ريال سوسييداد على ملعب كامب نو، في الجولة 38 الأخيرة من الدوري الإسباني لكرة القدم.
كما يشهد هذا الموسم، انتهاء حقبة للاعب إسباني آخر رفع نفس ألقاب إنييستا مع منتخب "مصارعي الثيران"، وهو المهاجم فرناندو توريس، الذي أعلن رحيله عن أتلتيكو مدريد، الذي بدأ يلعب لصالحه حين كان عمره 17 عاماً.
وفي عمر 34 عاماً، وجد توريس الذي ارتدى أيضاً قمصان ليفربول وتشيلسي وميلان، أن هذا هو وقت الرحيل عن الأتلتي ويدرس حالياً عروضاً من الصين والولايات المتحدة، لاستكمال ما تبقى من مسيرته.
وقال مهاجم "الروخيبلانكوس" عن قرار رحيله: "هناك أمر أردت القيام به وهو اختيار اللحظة التي سأودع فيها الجماهير، لم أرد الرحيل في منتصف الصيف بإصدار بيان. على عكس الجميع كنت أحتاج لوقت لأودع جماهير الأتلتي في الملعب".
وستكون المباراة الأخيرة لتوريس اليوم أمام إيبار في آخر جولات الليغا، وستكون على ملعب الأتلتي، واندا متروبوليتانو.
وإلى جانب إنييستا وتوريس، يودع الدوري الإسباني أيضاً اللاعب تشابي بريتو، قائد ريال سوسييداد الذي أعلن اعتزاله اللعب نهاية هذا الموسم.
ولم تكن كلمات إنييستا وتوريس وبريتو هي رسائل الوداع الوحيدة التي شهدها عام 2018، الذي كان مليئاً بقرارات الاعتزال، مثل لاعب وسط مانشستر يونايتد، مايكل كاريك، الذي سينظم له النادي مباراة لتكريمه على ملعب أولد ترافورد، في 4 يونيو (حزيران) المقبل.
ولدى إعلانه عن قرار اعتزاله اللعب، قال كاريك (35 عاماً): "فرصة أن ألعب بين صفوف أفضل فريق بالعالم على مدار 11 عاماً هو أمر يجعلني أشعر بالفخر الشديد".
كما شهد هذا العام اعتزال لاعبين اثنين رفعا كأس العالم مع منتخب ألمانيا 2014، أولهما الحارس رومان فايدنفيلر، الذي دافع عن شباك بوروسيا دورتموند في 452 مباراة على مدار 16 موسماً قضاها بين صفوف النادي.
وفي لحظة الإعلان عن اعتزاله، قال فايندفيلر (37 عاماً)، الذي ينظم له ناديه مباراة لتكريم مسيرته في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل: "كانت حقبة رائعة رسمت خطوط حياتي ولن أنساها مطلقاً".
وكان الدولي الألماني الثاني الذي قرر تعليق حذائه هذا العام، هو مدافع آرسنال، بيير ميرتيساكر (33 عاماً)، الذي كان خطاب اعتزاله مختلفاً إلى حد كبير، حيث قال لمجلة دير شبيغل: "جسدي منهك ولم أعد أشعر بمتعة في لعب كرة القدم. حين أعتزل سأكون حراً أخيراً".
وفي أمريكا الجنوبية، يشهد هذا العام اعتزال البرازيلي رونالدينيو، والمدافع المكسيكي رافائيل ماركيز، المعروف بلقب "القيصر المكسيكي"، على الرغم من أن إنتهاء مسيرة هذا الأخير ستكون عقب مشاركته مع منتخب بلاده في مونديال روسيا.
وأعلن ماركيز الذي توج مع برشلونة بلقب الليغا 4 مرات وبدوري أبطال أوروبا مرتين، رحيله عن نادي عمره، أطلس المكسيكي، وهو في سن 39 عاماً.
وفي البرازيل، خاض الحارس جوليو سيزار (38 عاماً) مباراته الأخيرة، على ملعب ماراكانا، في 21 أبريل (نيسان) الماضي وكانت بقميص فلامنغو المحلي، الذي بدأ بين صفوفه في 1997، وعاد إليه لإنهاء مسيرته الكروية التي استمرت 20 موسماً.
ونحي سيزار قفازيه جانباً عقب مسيرة طويلة لعب خلالها لصالح العديد من الأندية، مثل إنتر ميلان الإيطالي، وبنفيكا البرتغالي، وتوج بـ17 لقباً، من بينها التشامبيونز ليغ مع الفريق الإيطالي في 2010، كما خاض 87 مباراة مع منتخب بلاده وشارك في 3 مونديالات مع السيليساو، آخرها في 2014، حين تلقت شباكه 7 أهداف أمام ألمانيا في نصف نهائي البطولة (1-7).
ومن جانبها، تودع القارة الأفريقية لاعبين كبار مثل الإيفواري ديدييه دروغبا (39 عاماً)، الذي لا يزال يلعب لصالح فينكس رايزينغ (دوري الدرجة الثانية الأمريكي)، وسيعتزل اللعب نهاية هذا الموسم، بعد مسيرة لعب خلالها بين صفوف تشيلسي الإنجليزي بين أندية أخرى.
أما المهاجم الكاميروني صامويل إيتو، الذي يلعب حالياً لصالح قونيا سبور التركي، فيخطط للترشح لرئاسة بلاده في الانتخابات المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وقال لاعب برشلونة وإنتر ميلان السابق: "أحلم بالرئاسة كما كان يحلم يولويس قيصر بروما"، الأمر الذي يدفع بالتفكير في اعتزاله الوشيك في عمر 37 عاماً.
وبعيداً عن اللاعبين، يشهد هذا الموسم أيضا وداع اثنين من المدربين المخضرمين، هما الفرنسي آرسين فينغر (68 عاماً)، الذي قرر الرحيل عن الإدارة الفنية لنادي آرسنال، عقب قيادته على مدار 22 موسماً، والإيطالي فابيو كابيلو (71 عاماً)، الذي أعلن اعتزاله التدريب نهائياً.
ويرحل الأول عن الإدارة الفنية لـ"المدفعجية" عقب قيادته الفريق للتتويج بلقب البريميير ليغ 3 مرات وكأس الاتحاد الإنجليزي 7 مرات، وبطولة درع رابطة الاتحاد 7 مرات.
ومن جانبه، أكد الإيطالي كابيلو، المدرب الأسبق لريال مدريد وميلان ويوفنتوس، أن فترته مع فريق غيانغسو سونينغ الصيني، الذي استقال منه 27 مارس (آذار) الماضي، كانت الأخيرة في مشواره التدريبي، وأنه راضٍ بما حققه خلالها.
وحين أعلن عن قراره في أبريل الماضي، قال المدرب الإيطالي مازحاً: "فعلت كل ما أردته، وأنا سعيد للغاية بما حققته، والآن أنا مستمتع بالتعليق، فدائماً ما يتحقق الربح في هذا الدور"، وذلك بعد أن علق على مباراة ديربي مدريد بين الريال وأتلتيكو في النصف الثاني من هذا الموسم، على إحدى القنوات الإيطالية.