انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

تسريب «الكتاب»

مدار الساعة,مقالات,مجلس النواب
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/15 الساعة 14:33
حجم الخط

مدار الساعة - تحت عنوان "تشتت وتخبط وضعف حكومي" كتبت النائب السابقة خلود الخطاطبة:

تخبط وتشتت وضعف حكومة الدكتور هاني الملقي أصبح واضحا وجليا، بعد تراجع الحكومة عن قرارها السابق المتعلق "بإعفاء جميع الموظفين بمن فيهم موظفو الفئة العليا من أية مبالغ تم تقاضيها قبل تاريخ الأول من نيسان 2018 على شكل مكافآت أو بدلات مهما كان نوعها زيادة عن الحد المسموح به"، فالقرار بحد ذاته ايجابي، لكن لماذا اتخذ الإعفاء منذ البداية أصلاً؟

الحقيقة التي لا يعرفها الجميع أن القرار اتخذ خلال خضوع رئيس الوزراء لمرحلة علاجية (شافاه الله وعافاه) تضطره الى الغياب بعض الوقت عن متابعة أعمال الحكومة، لكنه يعتبر دستوريا ممارسا لاعماله وبالتالي فإن اي كتاب صادر يكون باسمه لكن يتم توقيعه من قبل نائب رئيس الوزراء جمال الصرايرة، وهو ما حصل في الكتاب الأخير.

يعتقد البعض ان تسريب الكتاب لمواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم الإعلام هو ما ساهم في الضغط على الحكومة للتراجع عن قرارها، عززه الاعتراض الواسع على نية الحكومة تعديل قانون للضريبة ليأتي على "الأخضر واليابس"، هذا الاعتقاد فيه نسبة من الحقيقة لكنها ليست كلها، لان القرار اتخذ في ظل غياب مبرمج طبيا لرئيس الوزراء لفترة من الوقت، واعتراضه الشخصي عليه كان له الجانب الأكبر بالعودة عن القرار.

رد فعل رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي على القرار فور وصوله الى مكتبه، يؤكد تماما عدم موافقته عليه وان غيابه يستغل في اتخاذ قرارات "شعبوية" كما اسماها دولته في معرض احتجاجه من جهة على اتخاذ القرار ومن جهة اخرى على من سرب الوثيقة الى منصات التواصل الاجتماع، ما دفعه الى مطالبة احدى المؤسسات بتشكيل لجنة لمعرفة مصدر تسريب الوثيقة، كما طالب ذات المؤسسة بتجهيز كشف سريع لقيمة المبالغ المترتبة على هؤلاء الموظفين لكن لم يتم الاعلان عن هذه القيمة عند التراجع عن القرار.

مع تجاوز تفاصيل هذا القرار والتراجع عنه، الا ان الحادثة بحد ذاتها تحمل مؤشرات ومدلولات على الية عمل الحكومة، والتي يتضح انها مقسومة الى جزر كثيرة ومتباعدة اضافة الى غياب التنسيق عن اطرافها ، للأسباب التالية:

أولا: كيف لا يتم استمزاج رئيس الوزراء الموجود داخل البلاد بمثل هذه القرار الهام.

ثانيا: تفاصيل القضية تفند ما صرح به نائب رئيس الوزراء جمال الصرايرة في وقت سابق بان هناك حالة "انسجام تام" تسود أعضاء الفريق الوزاري في حكومة د. هاني الملقي، فكيف يكون الانسجام في غياب التنسيق في مسألة هامة.

ثالثا: على أي أساس اتخذ نائب رئيس الوزراء القرار اذا لم يطلع على حيثيات القضية، كما اطلع عليها المجلس عند الغائه قرار الإعفاء الذي جاء فيه " اثر دراسة الموضوع من جميع جوانبه والتي كان وجه بها سابقا (مجلس الوزراء)، فقد تقرر ومن باب العدالة والمساواة سحب القرار والعدول عنه واعتباره لاغيا"، ومن هنا يجب سؤال الصرايرة عن اسباب اتخاذه مثل هذا القرار؟

رابعا: نائب رئيس الوزراء يتخذ قرار الإعفاء بالتزامن مع اعلان اطراف أخرى من الحكومة (وزير المالية ووزير الإعلام)، عن قانون معدل لضريبة الدخل وجد اعتراضا شعبيا كبيرا، وتخلل الاعلان عنه إساءات أطلقها وزير الدول لشؤون الإعلام بحق الشعب الأردني ومؤسساته، فأين التنسيق؟.

خامسا: أي مراقب سياسي للحكومة وتشكيلتها وادائها يكتشف أن هناك أكثر من مركز قوة فيها يتجاذب الملفات وبشكل رئيس الملفات الاقتصادية، فهناك من يرفع الأسعار وهناك من يحفز الاستثمار وهناك ايضا من يبحث عن حلول لقضية النقل في الاردن، لكن كل في جزيرته دون ادنى مستوى من التنسيق الذي ينحصر فقط عندما يكون هناك رفع للأسعار او تعديل ضريبي!.

سادسا: لو كان هناك تنسيق حكومي فعلي، لتحدثت الحكومة قبل اعلانها المستعجل عن قانون ضريبة الدخل المعدل - على الأقل - مع مجلس النواب الذي سيحال اليه القانون قريبا وفي دورة استثنائية مرتقبة، وعدم التخبط الواضح، ورغم اننا لا نعرف مدى جدية أصوات نيابية في رفض القانون ونتمنى ان لا تكون مناورات سياسية فقط، الا ان ذلك يفرض على أي حكومة التمهيد لتشريعها قبل ارساله للبرلمان، وان لا تتصرف على موافقة البرلمان على قانون مرفوض شعبيا، بانها تحصيل حاصل.

سابعا: وسط تضرعنا الى الباري ودعواتنا المتواصلة بأن يمن بالشفاء على رئيس الوزراء "أبو فوزي"، الا أن ما حصل مؤخرا باتخاذ قرارات غير صحيحة يدل على أن "الواجبات الموكولة" للرئيس بموجب القسم الدستوري يمكن أن تتأثر خلال رحلة العلاج، وهذا أمر ليس بيده، ولا بيد أي انسان.

ثامنا: لا يمكن استمرار الحكومة بهذا الشكل، فهناك قضايا وأولويات غير رفع الاسعار وفرض ضرائب جديدة، نحتاج حكومة بحجم التحديات الداخلية والخارجية معا، حكومة يشعر معها المواطن بانه أمام أداء يوازن بين مصلحة الوطن ومصلحة المواطن، وان لا ينتقص من مصلحة لحساب الأخرى.

تاسعا: التحديات الخارجية تلقي بثقلها على الأردن سياسة واقتصادا (الصراع السوري وتداعياته من اللجوء، الأزمة الخليجية وتأثيرها، ممارسات الاحتلال الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، السياسة الأميركية الرعناء التي أدت مؤخرا الى افتتاح السفارة الاميركية في القدس المحتلة في تحد للمجتمع العربي والاسلامي والدولي)، هذه التحديات تحتاج الى تمتين جبهتنا الداخلية بحكومة متماسكة قادرة على ادارة الدفة الوطنية داخليا وخارجيا، وليست حكومات جباية فقط.

مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/15 الساعة 14:33