انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس الموقف مناسبات شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

راتب المرعي يكتب: كلمات إلى القدس

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/15 الساعة 12:57
حجم الخط

كثيرونَ هم أولئك الذين لم تكتحلْ عيونُهم برؤيةِ القدسِ إلا على شاشاتِ التلفزيون ، ولم يتخيّلوها إلا من خلالِ حكاياتِ الآباءِ والأجداد عن مسجدِها الأقصى المبارك، وقبة صخرتها المشرفة ، وقبابها ومآذنها ، وأسواقها المسقوفة ، وشوارعها العتيقة ، وأبواب سورها العظيم.

فماذا نكتب لهؤلاء، وماذا نقول؟ وهل يمكن أن ترقى كتاباتنا وحروفنا وتعابيرنا إلى مستوى القدس : المدينة والرمز، زهرة المدائن ، وسيدة مدن الأرض جميعا ؟.
القدس في قلوبنا وضمائرنا دين ودنيا، تاريخ وجغرافيا، وجود وهوية. القدس في قلوبنا وضمائرنا مدينة الروح والقداسة . وهي السلّمُ الأبيض الجميل الذي يربط الأرض بالسماء.

القدس هي العابدة التقية النقية الطاهرة التي ما انقطعت يوما عن صلاتها منذ بدء الخليقة، وستظل راكعة ساجدة، مصلّية لله الواحد الأحد ، تسبّح باسمه العظيم إلى يوم الدين .
القدس .. يا حبيبة الله ، يا مدينة الأنبياء ، ويا درب من مرّوا إلى السماء ،قلوبنا ترحل إليك كل يوم ؛ لتقرأ في كل ذرة من ذرات ترابك الطاهر قصة ، ولتسمع من كل حجر فيك حكاية وحديثا ذا شجون ..

ما من مدينة في التاريخ كله تعرضت لما تعرّضْتِ إليه من أوجاع وآلام . ولكنكِ كنتِ دائما تنهضين . وما من مدينة ، أيتها المقدسة ، توجهت إليها أشداق الذئاب الطامعة الحاقدة كما توجهت إليك أيتها الغالية . ولكنك بالصبر والإيمان، وبجمر عروبتك، كنت دائما تحيلين الطامعين والحاقدين والمحتلين والغزاة إلى رماد نذروه الرياح ؛ لتعودي ، مرة أخرى ، السيدة النبيلة ، وعروس المدائن ، وحافظة العهدة العمرية .

يا قدس ، سلام عليك يا مدينة السلام ، سلام على أرواح الشهداء الذين ارتقوا ، ويرتقون كل يوم ، كالأقمار فوق أسوارك ، وفي شوارعك العتيقة. وسبحان الذي يُسري إليك، كل يوم، بأبنائك، فوق خيول العزة من غزة ؛ ليرووا دروبك بدم الشهادة ، وعطر القداسة .

سلام عليك يا قدس ، وأنت تقفين اليوم على مفترق الطرق . فهل أصحاب القرار في أمتنا قادرون ، في هذه الظروف ، على تدفئة ضلوعك بعباءاتهم ؟ وهل هم حريصون على أن تظلي العربية الحرة التي ما وهبت قلبها لغاصب ، ولا تنازلت عن ضفيرة من ضفائرها لطامع محتل؟.

فيا سيدة الطهر والعفاف، يا زهرة المدائن، سلام عليك، سلام على كل حجر فيك وزاوية وقبة. سلام على كل محراب ومنبر ، وعلى كل مئذنة وجرسيّة ، وسلام على كل مدرسة، وديـر ورباط وتـكيـة.

سلام عليك يا قدس، سلام على الأقصى، وعلى المآذن التي تنادي بأن الله أكبر من كل كبير وظالم . وسلام على أجراس ( القيامة )التي تعلن كل يوم أن المجد لله في الأعالي ، وأن الأرض، يا رب، عطشى للسلام، وأن القلوب ظمأى للمسرة.

وبعد يا قدس،

ستظل قلوبنا إليك ترحل كل يوم.. تطوف في أروقة المسـاجـد.. تعانق الكنائس القديمـة ، وتمسح الحزن عن المعـابد .

مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/15 الساعة 12:57