مدار الساعة - إرتفعت نسبة الإناث "المطلقات" واللاتي تزوجن للمرة الثانية خلال عام 2017 بحدود 2.4% مقارنة مع نسبتهن عام 2016، حيث تزوجت 13677 "مطلقة" عام 2017 وبنسبة 17.6% من مجموع الإناث اللاتي تزوجن خلال ذات العام (77700 عقد زواج) مقارنة مع 12353 "مطلقة" تزوجن عام 2016 وبنسبة 15.2%، وذلك حسبما جاء بالكتاب الإحصائي السنوي لعام 2017 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن أسباب هذا الإرتفاع يعود الى ارتفاع نسب الطلاق في الأردن خلال السنوات الأخيرة، مما دفع دائرة الإفتاء الى إصدار فتوى منتصف العام الماضي تدعو الى عدم منع النساء "المطلقات" و "الأرامل" من الزواج مرة أخرى.
وتظهر الأرقام بأن 65.8% من "المطلقات" واللاتي تزوجن للمرة الثانية عام 2017 أعمارهن تقل عن 29 عاماً وبعدد 9008 نساء، منهن 567 قاصرة أعمارهن تقل عن 18 عاماً.
بتاريخ 9/7/2017 صدرت عن لجنة الإفتاء الفتوى البحثية رقم 3304، للإجابة على حكم عضل المرأة المطلقة أو الأرملة من الزواج؟ وهل يحق لها الزواج برجل آخر؟، وخلصت الفتوى "الى أن الزواج من حق المرأة، ولا يحل لأحد منعها منه، ونوصي المسلمين بتقوى الله تعالى وإتباع أمره، والإبتعاد عن ظلم النساء عموماً، والمطلقات خصوصاً، وإعطائهن حقوقهن التي أوجبها الله تعالى لهن، والله تعالى أعلم".
ورحبت "تضامن" بصدور هذه الفتوى، ووجدت بأن من شأنها الحد من الممارسات الضارة بالنساء خاصة المطلقات والأرامل، والتي تستهجن زواج الأرملة أو المطلقة مرة أخرى في كثير من الأحيان، وتمنع هذا الزواج في أحيان أخرى. وتؤكد "تضامن" على حق المطلقة أو الأرملة في الزواج مرة أخرى من عدمه، دون تدخل أو ضغط من الأهل أو الأقارب أو المجتمع.
وتعتقد "تضامن" بأن الأرقام الرسمية تشير وبشكل واضح مدى الظلم الواقع على المطلقات والأرامل مقارنة بالمطلقين والأرمل الذكور، فالأردنيات الأرامل يشكلن 90% من مجموع الأرامل ذكوراً وإناثاً، كما تشكل الأردنيات المطلقات 72% من مجموع المطلقين ذكوراً وإناثاً.
هذا وجاء في نص الفتوى ما يلي:" الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
حرص الإسلام على نقاء المجتمع الإسلامي وصفائه، ونظّم العلاقات بين أفراده، والأسرة أهمّ مكوّنات المجتمع، وإذا انحلّ عقد الزواج لسبب من الأسباب، كطلاق أو وفاة فإنّ كلاً من الزوجين يواصل مسيرته في الحياة، بل إنّ الله بشّر المحسنين من الأزواج بالفرج والسعة، قال الله تعالى: (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا) النساء/130.
وقد نصّ كتاب الله تعالى على حقوق للزوجة المطّلقة يجب على الناس أن يراعوها ويحافظوا عليها حفاظاً على نقاء المجتمع واستقامته، ومنها أن لا يمنعوا المرأة من حقّها في الزواج، سواء كانت بكراً أو ثيباً، وسواء كانت مطلقة أو متوفىً عنها زوجها، إذ إن الله تعالى نهى عن عضل النساء، أي منعهن من الزواج، حيث قال الله عز وجل: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة/ 232، فلا يجوز منع المرأة من الزواج بالزوج اللائق بها.
قال الماوردي: "فنهى الله عز وجل أولياء المرأة عن عضلها ومنعها من نكاح مَنْ رضيته من الأزواج" [تفسير الماوردي 1/ 298]. وما هذا إلا فتح لباب خير للمرأة.
ويعدّ عضل النساء من العادات القبيحة التي ترسّخت في الجاهلية الأولى، إما عصبية وحمية، وإما إرادة لأكل مال المرأة خوفاً أن يأخذه الزوج، لذلك توجّه النهي القرآني في الآيات للعموم، لأولياء المرأة ولزوجها السابق وللمسلمين كافّة، قال الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) النساء/ 19، قال أبو السعود: "والمعنى إذا وجد فيكم طلاق فلا يقعْ فيما بينكم عضلٌ، سواء كان ذلك من قبل الأولياء أو من جهة الأزواج أو من غيرهم، وفيه تهويلٌ لأمر العضل وتحذيرٌ منه" [إرشاد العقل السليم 1/ 229].
والأصل في زواج المرأة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها الإباحة، وقد ورد عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ: أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، (فَأَذِنَ لَهَا فَنَكَحَتْ) رواه البخاري.
وعليه؛ فإن الزواج من حقّ المرأة، ولا يحل لأحد منعها منه، ونوصي المسلمين بتقوى الله تعالى وإتباع أمره، والابتعاد عن
وتؤكد "تضامن" على أن القاصرات المطلقات بشكل خاص والمطلقات بشكل عام يعانين من وصمة العار ومن الثقافة المجتمعية التي تنظر للنساء المطلقات نظرة دونية لا تحترم فيها إنسانيتهن وإحتياجاتهن ، ومن حرمانهن من رسم مستقبلهن ومن التمتع بطفولتهن التي كفلتها الإتفاقيات الدولية. وتعتقد "تضامن" بأن طلاق القاصرات وإرتفاع نسبته ما هو إلا نتيجة حتمية للزواج المبكر الذي يترتب عليه نتائج سلبية تتعلق بالتعليم والصحة ، وإهدار لإمكانيات الفتيات وقدراتهن ، ويحد من حريتهن في تحديد إختياراتهن التي تؤثر على حياتهن بشكل عام .