بعيدا عن سخافات المتحذلقين المندلقين للتحدث في كل شأن من أقصى القارة الى أقصاها الآخر وبكل شأن ديني وسياسي واجتماعي دون علم ولا عمل، برزت في اليومين الماضيين إحتفالة إعلامية بمناسبة إدراج بورصة نيويورك لشركة « جرش لصناعة الملابس والأزياء» الأردنية ، وظهرت على مؤشر ناسداك العالمي، في سابقة لشركة أردنية وعلى الأغلب عربية كما يفهم من الأخبار، ولكن كثيراً من الأخوة الذين التقطوا القصة من تغريدة ما، لم يفهموا كالعادة أساس اختيار هذه الشركة العملاقة بالمقارنة مع الصناعة الأردنية .
فالشركة مسجلة في الأردن نعم ولكنها شركة صينية ىنمت منذ عام2000 بداية مشروع مناطق «كيو أي زد» التي تتعامل مع الأسواق الأميركية.
الأخوة الأعزاء «شوي لينغ هانغ» ورفاقه هنغ و توي وشينغ وإيهي وإيريك تانغ، قادوا إدارة المصنع في مدينة التجمعات الصناعية الواقع في سحاب، وصمدوا خلال العقدينىالماضيين مع شركات صينية أخرى، وفتحوا أبوابا للعمالة الأردنية ، إضافة الى العمالةىالصينية ، وفي عمان وإربد كان هناك الكثير من المصانع التي ترفد السوق العالمي من المنتجات ، وفي إربد يعاد تصدير البضائع الى الأسواق الخليجية ، وخلال أقل من عشرين عاما، دخلت « جرش» قلعة ليبرتي بلازا حيث أكبر مؤشر بورصة ، بينما هربت الكثير من رؤوس الأموال الوطنية الى دول عربية وإقليمية ، وأغلقت الكثير من المصانع التي كنا نفخر بصناعتها.
عندما كان د. حيدر الزبن على رأس مؤسسة المواصفات والمقاييس ، كانت المؤسسة ممثله به وبزملائه يقفون حائط صد مقابل بعض التجار الفاسدين وأصحاب اللعاب المندلق للمال الذين تعودوا إغراق السوق الأردني بالبضائع الصينية الرديئة جدا، بل والخطرة جدا على السلامة العامة، وستستمر المؤسسة بإدارتها الجديدة على عهدها المشرّف إذا لم ينتصر الهوامير عليها، ولكن في الصين ليست كل البضائع رديئة، بل أصحاب المصانع هناك يؤكدون أن غالبية التجار يطلبون بضائع رخيصة لغايات ربحية بحتة ويتلاعبون بمواصفاتها ، وهذه حرب تجارية خبيثة تستنزف رصيد العملة الصعبة للوطن.
لهذا فإن إنتاج الشركات التي لا تزال صامدة على أرض الأردن لا يزال يحافظ على مواصفاته العالية ، وهذا ما جعلهم ينافسون على العالمية ، والأطرف أن المنسوجات في غالبيتها غير أردنية حتى الخيوط، ومع هذا كل قطعة تحمل « ليبل» يؤشر على أنه صنع في الأردن ، وكنت قد اشتريت من نيويورك قمصان عالية الجودة وبثمن أرخص من محال وسط البلد، ولما عدت الى البيت وجدتها «صنع في الأردن»، أما في الأردن فأصبح الكثير يسرقون تاريخ غيرهم ويلصقونه لهم ، ويسرقون جهد وإنجاز المجتهدين وينسبونه لأنفسهم ،وهذا أحد أركان صناعة الفشل الذي نراه اليوم.
قبل أربع سنوات قدمت الحكومة الصينية ممثلة بسفيرها في عمان» بان في وينغ» هدية كبرى للأردن وهي «الجامعة الأردنية الصينية» بتكلفة تناهز مليار دولار ممولة من الأصدقاء بالكامل بتنسيق مع نائب رئيس الوزراء وزير التعليم العالي الأسبق د. أمين محمود،وتم اختيار موقعها ضمن لواء الجيزة على مساحة الف دونم .
وقدم الصينيون مشروع الجامعة التقنية بتقنية المحاكاة التمثيلي «سيميوليشن» لتظهر مباني ومرافق الجامعة بشكل مذهل، وتقدم مناهج علمية مشاركة مع العلوم التقنية الصينية بواقع ثلاث سنوات في الجامعة والرابعة والخامسة في بيجين، ولكن لسبب يعلمه االله أوقفت الحكومة السابقة المشروع، وفازت به مصر الشقيقة.
ويزور الصين يرافقه وفد اقتصادي كبير ، ويستقبل مسؤولين من الدول العملاقة في شرق آسيا، ثم نجد أن المسؤول التالي يشطب كل تاريخ من سبقه ، ثم تستهدف الإجراءات المتخلفة والمعقدة والمعيقة والإستغلالية كل روح وطنية خلاقة تقدم إنجازا لهذا الوطن المدمي جراء سكاكين الإنتهازيين والجشعين اقتصاديا وسياسيا شكرا إخواننا الصينيين على إيصالنا للعالمية، شكرا لأنكم تريدون إيقاظنا مجددا ولكننا نريد أن ننام.