عاد وزير الخارجية أيمن الصفدي، من سوتشي، وهو أكثر ثقة بقوة التفاهمات الأردنية الروسية حول الوضع في الجنوب السوري.
الصفدي، وبعد اجتماعه الخميس الماضي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أكد أن عمان وموسكو ملتزمتان بالحفاظ على اتفاق خفض التصعيد في جنوب غرب سورية. وقبل هذا الإعلان بأيام، كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد أكد من عمان التزام بلاده بالاتفاق المبرم مع الأردن وروسيا في الجنوب السوري.
توصل الطرفان الأردني والروسي، مع مرور الوقت، لقناعة مشتركة بأن اتفاق عمان لخفض التصعيد في الجنوب السوري، هو من أنجح اتفاقيات وقف إطلاق النار في سورية، ولعله الاتفاق الوحيد الذي صمد لغاية الآن وحقق أهدافه الثلاثة؛ حالة من الاستقرار في المنطقة المشمولة بالاتفاق ووقف إطلاق النار ومنع الجماعات الإرهابية من التمركز أو التوسع في حدود المنطقة.
لا يمثل الاتفاق بالنسبة للطرفين نقطة النهاية، بل البداية لجهد سياسي يفضي في نهاية المطاف لوقف شامل لإطلاق النار في عموم سورية، ومحادثات بين الأطراف المعنية تدشن حلا سياسيا للأزمة التي طال أمدها.
عمان على قناعة أكيدة بأنه لا حل للأزمة في سورية بدون دور لروسيا، ولهذا السبب يحرص الأردن على بناء علاقات وثيقة، تستند في الأساس لعلاقة قائمة على الشفافية والثقة بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. علاقة امتدت لسنوات واجتازت كل الاختبارات بنجاح انعكس بشكل إيجابي على علاقة البلدين، وضمنت مصالح الأردن في التطورات اللاحقة للأزمة السورية.
وتفيد مصادر دبلوماسية، بأن قلق الأردن من تطورات غير محسوبة في الجنوب الغربي السوري مع تصاعد المواجهة مع إيران، تبدد كليا بضمانات روسية قاطعة بالحفاظ على منطقة خفض التصعيد، وعدم استخدامها كأداة في الأزمة المتصاعدة بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى.
على الطرف الشرقي من جبهة الجنوب السوري، حصل الأردن أيضا على ضمانات تؤكد أنه لا انسحاب من دون تحقيق المصالح الأمنية للأطراف المعنية خاصة الأردن. وتوفر هذه الضمانات تنسيقا مشتركا للحؤول دون تمركز جماعات إرهابية في تلك المناطق، ومواصلة العمليات العسكرية للقضاء نهائيا عليها.
وثمة إقرار أردني بأن الوجود الإيراني في سورية يمثل تهديدا طويل المدى، لكن مع اختلاف في النظر إلى طريقة التعامل معه. من وجهة النظر الأردنية، إيران حاضرة في المشهد السوري قبل الأزمة الحالية، وخروجها ليس مدخلا للحل السياسي بل أحد مخرجاته.
موسكو، وعلى الرغم من وجودها الطاغي في سورية، ما تزال متمسكة بمبدأ الحل السياسي، والأردن يشاطرها القناعة نفسها. ويسعى الطرفان في المرحلة الحالية لإطلاق جهد دبلوماسي يضمن استعادة الزخم التفاوضي.
قد يبدو مثل هذا الأمر صعبا في ظل التوتر الحاصل في العلاقات الروسية الأميركية، والتداعيات المحتملة لقرار أميركي وشيك بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، لكن البلدين على قناعة بضرورة العمل لاحتواء التوتر ومعاودة البحث عن فرصة للسلام والاستقرار في سورية.
الغد