خلود الخطاطبة
يتخذ مجلس الوزراء بشكل مفاجئ مجموعة من قرارات التعيين في الوظائف العليا، ومقابلها قرارات احالة أو انهاء عقود، دون أن تكلف الحكومة نفسها عناء توضيح أسباب اتخاذ مثل هذه القرارات، وان كانت الولاية العامة لرئيس الوزراء تجيز له ذلك، ولكن إجازتها مرتبطة بالضرورة بالقوانين والأنظمة وقبلها الدستور الاردني.
وحتى أجيب على سؤالي لماذا لا يثق المواطن بالحكومة؟ أرجو أن أسوق الأتي فيما يتعلق بالتعيين في الوظائف القيادية، وهو مثال بسيط على التناقض بين الخطاب الحكومي وما تتخذه من قرارات على أرض الواقع، شأنه شأن القرارات الاقتصادية والإستثمارية وغيرها.
أولا: ان عملية التعيين في الوظائف القيادية محكومة بنظام أٌقرته الحكومة باسم (نظام التعيين على الوظائف القيادية رقم 3 لسنة 2013)، وبالتالي فان التعيينات التي يتخذها مجلس الوزراء مخالفة لهذا النظام كونه ينص على "الإعلان عن الوظيفة القيادية على الموقع الالكتروني لرئاسة الوزراء والموقع الالكتروني للجهة المعنية لمدة أسبوع وفي صحيفة يومية محلية ولمرة واحدة"، وهو الأمر الذي لم يحصل، الى جانب مخالفة بنود أخرى كثيرة في النظام يمكن لأي أحد الرجوع لها بسبب عدم المجال لذكرها.
ثانيا: أكد رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي في تصريح خلال مقابلة مع التلفزيون الأردني في تموز 2016 " أن تعيينات الوظائف القيادية العليا ستخضع لمسابقات وأن الحكومة ستطبق مبدأ العدالة والشفافية في هذا الشان"، وهي ذات المقابلة التي قال فيها ان "الحكومة لن تمد يدها الى أسعار الخبز، ولن ترفع أسعار المياه".
ثالثا: عمم رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي على الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات والهيئات العامة في كانون ثاني 2018، بعدم تحديد جنس المرشح لإشغال الوظائف الشاغرة لديها، وليس موضوع التعميم هو الأهم وانما ما ذكر فيه رئيس الوزراء في هذا التعميم بان القرار يأتي انسجاما مع "أحكام الدستور الأردني الذي نص في المادة السادسة منه على ان الاردنيين امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين"، ومنطوق المادة 22 من الدستور والتي تنص على " التعيين للوظائف العامة من دائمة ومؤقتة في الدولة والإدارات الملحقة بها والبلديات يكون على أساس الكفايات والمؤهلات".
رابعا: وحتى تضمن الحكومة الشفافية، قرر المجلس في 25 شباط الماضي الموافقة على تشكيل لجنة الاختيار والتعيين على الوظائف القيادية بموجب نظام التعيين على الوظائف القيادية برئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء وعضوية وزراء العدل وتطوير القطاع العام والدولة للشؤون القانونية والعمل وصاحب العلاقة/ المرجع المختص، وللأسف هذه اللجنة لم تقم بعملها في التعيينات الأخيرة.
خامسا: قرر مجلس الوزراء وخلال حكومة الدكتور هاني الملقي الموافقة على مشروع نظام معدل لنظام التعيين على الوظائف القيادية لسنة 2017، بهدف وضع أطر زمنية لإجراءات التعيين على الوظائف القيادية واخضاع المتقدمين المستوفين للشروط لاختبار تقييمي، وهو أيضا ما لم يحصل في التعيينات الأخيرة.
سادسا: باختصار فإن التعيينات الأخيرة في الوظائف القيادية بغض النظر عن كفاءة كل من تعيينه فيها وهم ذوات محترمون، مخالفة بشكل واضح وجلي لنظام التعيين على الوظائف القيادية رقم 3 لسنة 2013)، كما لا ينطبق النص الوارد في النظام "للمجلس في حالات محددة وخاصة تقتضيها الضرورة ولوظائف ذات طبيعة خاصه التعيين بقرار منه بناء على تنسيب مباشر من المرجع المختص" على القرارات الأخيرة، فليس لدينا هنا حالات ضرورة ولا وظائف ذات طبيعة خاصة.
ان العدل في التعيينات من خلال طرح الوظائف للتنافس هو الطريق الأقصر لمعالجة الخلل في المنظومة الاقتصادية، وهذا ليس رأيي فقط وانما رأي رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي الذي يعتبر ان عملية تحسين الاقتصاد مرتبطة باجراء تحسينات على النظام الاداري ومنها الوظيفة العامة، خاصة وان الحكومة تعتزم حاليا البد باصلاح وتطوير القطاع العام، واعتقد ان الاصلاح يبدأ من الوظائف القيادية وليس من عند الموظف الصغير في دائرة بسيطة.