استقالة العلي، وإحالة الدكتور حيدر الزبن إلى التقاعد كانتا مفاجأة التغييرات الحكومية.
العلي ينتهي عقدها بعد ثلاثة أيام، لكن كان بإمكانها أن تستمر عاما إضافيا قبل بلوغ سن التقاعد. يبدو أن الجدل الذي ثار مؤخرا حول استثمار الضمان الاجتماعي، والضجة البرلمانية وماصاحبها من مطالبات بإقالة العلي عجلا في اتخاذ القرار.
الحكومة وقبيل مناقشة مشروع قانون ضريبة الدخل في دورة استثنائية متوقعة للبرلمان، تسعى لإطفاء بؤر التوتر مع النواب وسواهم من قطاعات، وفي هذا السياق يمكن قراءة الاستجابة الحكومية لمطالب نقابة المعلمين لتجنب التصعيد والإضراب.
لم يكن الأمر يتعلق بأداء سهير العلي بل بالسياقات العامة التي تفرضها التطورات.
أما بشأن الدكتور حيدر الزبن فقد وجدت الحكومة مخرجا قانونيا للتغيير بعد أن بلغت خدمته الثلاثين سنة.
مثّل الزبن علامة فارقة في الإدارة الحكومية خلال سنوات خدمته مديرا لدائرة المواصفات والمقاييس، واكتسب شعبية قلما ينال مثلها مسؤول حكومي. واجه بجسارة تغول المتنفذين، ودافع عن حق الأردنيين بالحصول على أحسن المواصفات في طعامهم ولباسهم وكل مادة يستخدمونها في حياتهم. كان يتعرض لضغوط كثيرة ولايتردد في مقاومتها. وفي أحيان كثيرة سبب حرجا للحكومات، التي تحملته "بعضها" على مضض.
لكن لا يمكن النظر إلى قرار تقاعده على أنه مؤامرة من الحكومة للتخلص منه، فلطالما أشاد الزبن في أحاديثه الجانبية بدعم رئيس الوزراء لعمله وقراراته. أما الجانب السار في تقاعد الزبن فهو هوية خليفته السيدة رولا مدانات، التي كان الزبن يأمل دائما بأن تحل مكانه في حال استقالته، وهو ما كان، فسجل هدفين في آن معا؛ غادر موقعه بسيرة مشرفة وحلت مكانه سيدة بنفس وطنيته ونزاهته.
الدكتور عز الدين كناكرية قيادي مجرب، خدم لسنوات في أهم وزارة "المالية" بمنصب الأمين العام، من دون أن يترك خلفه أي شبهة في سيرته المهنية، وانتقل لمؤسسة الضمان الاجتماعي التي تحدق إليها عيون كل الأردنيين.
وكان مفارقة لطيفة في سيرة كناكرية أن تصادف تعيينه مديرا للضمان الاجتماعي مع قرار زيادة رواتب المتقاعدين، وهو القرار الذي لم يتخيل يوما اتخاذ مثله في" المالية" خلال السنوات الأخيرة وسط دوامة العجز والمديونية وشح الموارد التي لم تشهد غير قرارات زيادة الضرائب والرسوم!