قرابة 87 % من الأردنيين لن يكونوا معنيين مباشرة بتعديلات قانون ضريبة الدخل. فحسب تقديرات شبه رسمية، كل أسرة يصل دخلها الشهري إلى نحو 1400 دينار لن يمسها القانون الجديد.
الجدل حول التعديلات سيكون على أشده في أوساط الفئات الأولى من الطبقة الوسطى التي يزيد دخلها على ألفي دينار في الشهر. ورغم محدودية هذه الفئات في التشكيلة الاجتماعية الأردنية، إلا أنها وبحكم مكانتها في المشهدين الاقتصادي والسياسي، تملك قدرة على الحضور والتأثير في المزاج العام.
ما يهم الطبقة الوسطى معرفته في هذا الصدد، نسب الضريبة التصاعدية على شرائح الدخل، وهو ما لم تأت الجهات الرسمية على سيرته بعد، بانتظار إقرار مشروع القانون رسميا من قبل مجلس الوزراء الشهر المقبل.
تقدر السلطات الضريبية العائد المتوقع من توسيع شرائح المشمولين في القانون بنحو 150 مليون دينار سنويا، ومثله من التهرب الضريبي بعد تشديد العقوبات في القانون الجديد وتجويد أساليب التحصيل الضريبي ومكافحة التهرب، خاصة في أوساط المهنيين. أي أن القانون بعد التعديل سيضيف للخزينة 300 مليون دينار سنويا.
المؤكد أن هذا التوجه سيثير قلق فئات اعتادت التحايل على القانون، والتهرب من دفع ما يستحق عليها فعليا من ضرائب، وستلجأ هذه الفئات إلى تأليب الرأي العام، الساخط والغاضب في الأصل، لكسبه إلى جانبها في معركة إسقاط التعديلات.
إذا ما تمكنت الحكومة من كسب النواب إلى صفها والمصادقة على القانون الجديد في الدورة الاستثنائية المرجحة في الصيف، فإنها ستعيد النظر في خططها لموازنة 2019 لتتراجع عن توجهاتها برفع ضريبة المبيعات على بعض السلع والخدمات.
قبل أيام تلقت الحكومة نصيحة صادقة من منتدى الاستراتيجيات الأردني بعدم رفع ضريبة المبيعات مجددا بعد أن بلغت معدلات قياسية تفوق دولا عدة في العالم. نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، جعفر حسان، ألمح في حوار نظمه المنتدى إلى إمكانية النظر في تخفيض ضريبة المبيعات في المرحلة المقبلة في حال توفرت بدائل جديدة للخزينة، في إشارة "ربما" لقانون ضريبة الدخل، والنتائج الإيجابية المرجوة من خطة التحفيز الاقتصادي.
ينبغي العمل بمثابرة لتحقيق هذه الغاية. قانون ضريبة الدخل لم يكن يوما محل اعتراض من الأغلبية الشعبية، لا بل إن المطلب الدائم هو تفعيل مبدأ التصاعدية في القانون ومحاربة التهرب الضريبي، بدلا من اللجوء إلى الخيار الأسهل، وهو زيادة ضريبة المبيعات التي لا تميز بين غني وفقير.
ينظر رسميا إلى تعديل قانون ضريبة الدخل باعتباره الخطوة النهائية والحاسمة في مشروع الإصلاح المالي الذي أقرته الحكومة مع صندوق النقد الدولي. ورغم المحاولات الرسمية المتتالية لاقتصار التعديلات على محاربة التهرب الضريبي، إلا أنها لم تلق تجاوبا من الجهات المانحة وصندوق النقد الذي أصر بدوره على مبدأ توسيع قاعدة المشمولين بالقانون.
الغد