يسمع الكثير من الأردنيين عن اتفاقيات الحكومة مع صندوق النقد الدولي، ويسمع أكثر من وزراء المالية والتخطيط والخبراء الماليين عن أحلامهم بحلول لمشكلة الدين العام الذي يرهق الموازنة العامة ويضغط على رقاب الحكومات، ولكن لا أحد منا حقيقة يفهم كيف ولماذا ومتى ، فهذه المفاتيح الإستفهامية لإدارة «مؤسسة الأمل» الشعبية تريد أجوبة شافية لتحديد موعد معين حتى وإن لم يكن قريبا، لنتخلص من الشباك التي علقنا بها مع مؤسسات الإقراض العالمية، والتي تشكلت واجهة إستعمارية من طراز جديد، ولكن من المستحيل أن يعطيك أي مسؤول أي إجابة شافية، لأنه لا يمتلكها أصلا.
كنا في السابق نظن أن الأردن ثالث ثلاثة أو واحد من عشر دول على الأقل متورط مع مؤسسات الديون ، ولكن القارىء في أحوال دول العالم يجدنا في ذيل قائمة الدول المدينة، ومع هذا لا يمكننا رسم إبتسامة على صورة وجه المواطن المتجهم، رغم أن المعلومات العالمية التي يقودها صندوق النقد والبنك الدولي تخبرنا أن الصين الدولة العظمى هي من تقود قافلة الدين العالمي منذ 2007 بمعدل 43 بالمئة ، وأن المديونية العالمية تجاوزت 164 تريليون دولار بما يعادل 225 بالمئة من الناتج المحلي العالمي ، فيما تقدر وكالة « ستاندرز اند بورز» أن يرتفع الدين التجاري السيادي العالمي لأكثر من 1.1 تريليون دولار ولأعلى مستوى على الإطلاق عند 47.3 تريليون دولار بحلول نهاية هذا العام.
المعلومات أعلاه أنقلها دون أن أفهم منها شيء على المستوى المالي، ولكن ما نفهمه هو الترجمة السياسية للقراءات المالية المترتبة على الأردن في ظل الفقر المدقع للأفكار والبيئة الرسمية التي لا نجد فيها مسؤولا واحدا يخرج علينا ليعطينا أملا ولو كاذبا بأن هناك أفقا لغد أفضل ، يمكننا معه أن نتنفس ولو من تحت الماء، في ظل مزاج شعبي سيء جدا، وحالة إحباط قصوى لدى كافة القطاعات التجارية، وقرارات أرهقت حياة المواطنين الذين يشكلون غالبية عظمى من الفقراء المكابرين، حيث الأغلبية باتت تتعايش مع ديونها لتستر أحوالها، ولكن الى متى ؟!
هناك مشروع قانون ضريبي مقبل علينا بسرعة الريح سيكشف عورات ما تبقى من الطبقة المتعايشة مع وسطيتها حسبما تشي التسريبات، إذ سيخفض الإعفاء الضريبي الى 12 الف دينار للعائلة بدل 24 الفا كما هو الحال ، وهذا سيضاف الى قائمة العقوبات المالية التي سيعاني منها أرباب العائلات، فيما نرى قطاع البنوك يزداد في التمدد الربحي بأقل التكاليف المصرفية، والحكومة لا تزال تنفق على مشاريع غير مجدية ماليا، وتحتفظ بمؤسسات لا أحد يفهم سبب وجودها، وتشتري أساطيل من المركبات مرتفعة الثمن وذات تكلفة تشغيل وإصلاح لا يمكن تخيلها، بينما المزارعون يعانون من تسويق منتجاتهم حتى مع إخضاعهم لرسوم غير مبررة.
هذا كله يدفع للتساؤل: من يدفع ثمن هذا كله، المواطن أم الوطن، الفقراء وما يعادلهم أم الأغنياء وما ينتظرهم ؟ ومن أعطى الحق للحكومة السابقة مثلا لتوقع الإتفاقية مع صندوق النقد دون التوافق مع المرجعيات والمؤسسات الرديفة في الدولة ، فهل اتخاذ القرار على عواهنه يعتبر فهلوة من رئيس حكومة نقل الدين الى مستويات كارثية 94 بالمئة من الناتج المحلي ، بعدما كسر قانون الدين العام وألهب سوق الإقتراض الشره، وهل المواطن الذي هو أساس الإنتاج هو سبب المديونية أم هو عقار يمكن للرئيس احتسابه كناتج مالي يعرض للمؤسسات الدائنة كضمان ، ما الذي نملكه كدولة لنقترض على أساسه؟!
أذكى رئيس في العالم اليوم هو الرئيس الأميركي دونالد ترمب رغم فجاجته، لقد حقق مدخولات مالية للولايات المتحدة بمليارات الدولارات ما بين صفقات أو عقود بيع أو استجلاب استثمارات ومدخرات دون أن يخوض أي حرب أو يطلق رصاصة تهديد، في المقابل خسر العرب خلال عشر سنوات تريلونات الدولارات ما بين أموال مهدورة أو دول ٍ مدمرة واقتصادات منهارة ، فسوريا التي كانت حتى 2009 دولة مكتفية ، يعرض الرئيس الأسد حلا ماليا لإعادة إعمارها 300 مليار دولار دون احتساب كم من المليارات تبخرت هي أركان الدولة الإقتصادية والعمرانية، دون احتساب الدمار الإجتماعي والإقتصادي والسياسي مثلما حدث في العراق ايضا. الرأي
Royal430@hotmail.com