مدار الساعة - شكلت مسيرات العودة على امتداد الخط العازل في قطاع غزة للأسبوع الرابع "إزعاجا" واستنفارا مستمرا للاحتلال بحسب العديد من التقارير في ظل مواصلة المشاركين مواجهته بأساليب سلمية كان آخرها الطائرات المحملة بالمناشير الورقية الموجهة للجنود باللغة العبرية.
وألحقت المسيرات والتزام المشاركين بالوسائل السلمية لإشغال الاحتلال خسائر كبيرة سواء على صعيد صورته الإعلامية في الغرب والتي دأب من خلالها على تسويق نفسه أنه مستهدف بشكل دائم من قبل "جماعة عنف" أو على صعيد الطائرات الورقية التي أحرقت نقاطا عسكرية وأراض خالية في مناطق الداخل المحتل.
قلب الصورة الذهنية
الأستاذ المساعد في القانون والتمويل والرئيس السابق للمرصد الأورومتوسطي الدكتور رامي عبده قال إن إسرائيل ليس من مصلحتها الظهور بصورة المعتدي المحتل الذي يقتل ويطلق النار على الشعب الفلسطيني في ظل تدشينه للذكرى السبعين لاحتلال فلسطين.
وأوضح عبدو لـ"عربي21" "أن المشاهد التي يبثها الإعلام الغربي للمتظاهرين بتحركاتها ووسائل مواجهتهم السلمية للاحتلال تسببت في ضرب الرواية الإسرائيلية والذرائع التي يسوقها بعد قتل الفلسطينيين وباتت الصورة الذهنية عن الجنود مختلفة".
ولفت إلى أن مشاهد الخروج الجماعي للمتظاهرين على المناطق الحدودية وسط الحصار الخانق لمليوني فلسطيني منذ 12 عاما جاءت كلها في "توقيت سيء للاحتلال في ظل احتفالاته بإنشاء كيانه".
وشدد عبدو على أن الغرب اعتاد تلقف الرواية الإسرائيلية التي تتحدث عن فلسطينيين يمارسون "الاشتباك العنيف والوسائل غير المشروعة ويشكلون خطرا عليهم" لكن الصورة المنقولة في الإعلام وفق وصفه تعكس صورة "شعب مثقف يمارس حقه في الاحتجاج على الاحتلال والمطالبة بعودته لأرضه بكل الوسائل السلمية المشروعة دوليا".
وأضاف: "العديد من وسائل الإعلام في الغرب تناقش اليوم كيف أن ميدان مسيرات العودة منضبط ويقدم طيفا واسعا من الاحتجاج السلمي ولم يخرج عن الإطار المتفق عليه بين كافة الأطياف في غزة".
وقال عبدو إن هذا المشهد دحض رواية الاحتلال ولقي حضورا إعلاميا واسعا عدا عما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل واسع وتحول النقاش الغربي من وسائل مشروعة وغير مشروعة إلى "وسائل سلمية بحتة وأخرى سلمية مع قليل من الملاحظات".
وشدد على أن المشاركين في المسيرة تسببوا في "إنهاك قيادة الاحتلال وجنودها المستنفرين بشكل دائم منذ 4 أسابيع بالإضافة لإنهاك ذاكرته وماكنته السياسية والإعلامية التي تحاول الترويج لروايته في الغرب".
ورأى أن الاحتلال اليوم يفتقد للمادة التي تعينه على تشويه صورة المسيرة في الغرب مضيفا: "يجري الآن استحضار مشاهد قديمة للاشتباكات مع فصائل المقاومة ومشاهد أخرى لإطلاق صواريخ لكن مئات المواقف الغربية وتأكيد 6 خبراء في الأمم المتحدة أن التحركات في المسيرة سلمية يكشف مدى أزمة الاحتلال وفشله في تسويق روايته".
انضباط وسلمية
من جانبه قال الناطق باسم مسيرة العودة أحمد أبو ارتيمه إن ممارسات الاحتلال وانتهاكات بحق المشاركين في المسيرة تكشف مدى التوتر والأزمة التي يعيش فيها جراء فشله في إنهائها رغم كل العنف المستخدم من قبله.
وأشار أبو ارتيمه لـ"عربي21" إلى أن "المسؤولية التي يتحلى بها المشاركون وضبط النفس ومواصلة الاحتجاج بنهج المقاومة السلمية أحرج الاحتلال أمام عشرات الكاميرات الغربية التي ترصد المسيرة وعكست مدى حضارة الشعب الذي يدافع عن حقه في العودة والتخلص من الاحتلال بكل أشكال الاحتجاج المتعارف عليها".
وأشار إلى أن الفلسطيني اليوم بعد صور المسيرة والوسائل المستخدمة فيها ضد الاحتلال "استطاع هز الصورة الذهنية عن الاحتلال في الغرب وصنع وعيا عالميا مساندا ومؤيدا للحقوق التي خرج من أجلها وأهمها إنهاء احتلال الأرض والعودة إليها".
وشدد أبو ارتيمه على فشل محاولات الاحتلال في دفع المتظاهرين نحو ما يريد من تصعيد المواجهة باستخدام وسائل غير متفق عليها ضمن المسيرة.
وعلى صعيد الوسائل المتجددة أسبوعيا لمواجهة الاحتلال في المسيرة لفت إلى أن العمل غير مركزي وغير منظم ومتروك للإبداعات الشبابية التي تخرج أسبوعيا بفكرة أو فكرتين جديدتين تؤدي الغرض وتوصل الرسالة.
ورأى أن المتظاهرين يقابلون الاحتلال بوسائله التي طالما خاطب بها الفلسطينيين مثل المناشير الورقية التي وجهت فيها رسائل للجنود اليوم عدا عن حرق الإطارات وحجب الرؤية عن القناصة. عربي21