أ.د. أمين المشاقبة
عبر مائة عام أمعنت إسرائيل باستخدام القوة في الصراع العربي- الإسرائيلي، واستمرت في استخدام القوة دون أي رادع أخلاقي، أو انساني، أو قانوني لتحقيق مأربها على الأرض، فهي دولة استيطانية إحلالية على أرض فلسطين التاريخية، دينها يحث على قتل الأغيار ويسمح بذلك في أي زمانٍ ومكان، فالصراع قائم على أساس مبدأين، هما: القوة والحق.
القوة هي القدرة على التأثير على الآخرين للقيام بعملٍ لا يرغبون القيام به أو القدرة على إنهاء حياة الفرد أو تكبيله أو سجنه أو تقييد حريته من الإذلال أو التركيع واستخدام سلطة الضبط لتحقيق غايات معينة.
أما الحق فهو الثابت الذي لا يسوغ أفكاره، وهو الحكم المطابق للواقع المؤكد، وهو المركز المقرر قانوناً، والسلطة التي يمتلكها شخص أو شعب ما على أرضٍ معينة، ونتحدث هنا عن الحق التاريخي للشعب العربي الفلسطيني في أرض فلسطين التاريخية، فالصراع الدائر منذ مائة عام يقوم على القوة- والحق، فإسرائيل وبالقوة المفرطة منذ بداية الهجرات أثناء الانتداب وهي تستخدم كل وسائل القتل والترويع لسحق إرادة الشعب الفلسطيني وطرده من أرضه ومدنه وقراه، واستخدمت كل أشكال المجازر لتثبيت ادعاءاتها، وما مجزرة حدود قطاع غزة الأخيرة إلا من هذا المنظور، القتل الممنهج والمخطط له لمتظاهرين عُزّل يحيون يوم الأرض وحق العودة، واستخدمت القوة في سلب ونهب الأراضي وبناء المستوطنات وحماية المستوطنين، ولا تريد الانسحاب أو عقد أي شكل من أشكال السلام، فمنذ أوسلو وحتى اليوم لم تتراجع إسرائيل في مطالبها وتماديها وعدوانها، بل قتلت وسجنت الألوف من أبناء الشعب الفلسطيني، وهي تدير الصراع ولا تسعى لحله مطلقاً.
إن الحركة الصهيونية العالمية تسيطر اليوم على مفاصل القرار السياسي في كبرى دول العالم، وتحظى بكل الدعم الدولي لسياساتها وممارساتها، وترفض القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وتمارس غطرسة على كل العالم، وليس فقط على الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة، والحق العربي الفلسطيني في الأرض هو الثابت الذي لا يجوز إنكاره، لكن لا توجد قوة مادية لحمايته.
ومن هنا فإن معادلة الحق- والقوة مختلفة إذا ما تم التلازم بينهما، فالحق يريد القوة، وأحياناً القوة تسوّغ الحق، وأمام هذا لا بد من تفعيل مفاعيل القوة حتى تصل إلى الحق، وكان الله في عون الحق الذي لا يملك القوة.