مدار الساعة - يرمي الأردن بكامل ثقله لتعزيز احتياطاته من العملات الأجنبية في ظل تنامي المخاوف من استمرار تراجع الصادرات الوطنية إلى الأسواق الخارجية، وبخاصة للعراق وسورية ودول أوروبية بسبب الاضطرابات التي أغلقت وجهات تصديرية أساسية للمنتجات الأردنية.
كما حذرت الأوساط الاقتصادية من الدخول في دوامة الاحتياطات الوهمية بسبب زيادة الاعتماد على القروض الخارجية.
وشهدت الاحتياطات الأجنبية للبنك المركزي الأردني تذبذبا بسبب تأثر تحويلات المغتربين خلال السنوات الأخيرة وتراجع الدخل السياحي وانخفاض الاستثمارات الأجنبية.
وأظهرت أرقام للبنك المركزي الأردني نمو احتياطي العملات الأجنبية في يناير/ كانون الثاني الماضي 1.5% مقارنة بمستواه في نهاية 2017، إذ بلغت نحو 12.44 مليار دولار مقارنة مع حوالي 12.25 مليار دولار في ديسمبر/ كانون الأول 2017.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن مستوى الاحتياطات من العملات الأجنبية أحد العوامل الأساسية التي تؤخذ بعين الاعتبار لدى وضع التصنيف الائتماني. وأضاف عايش أن احتياطات الأردن تشكل حوالي 30.5% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بنحو 40 مليار دولار، وما نسبته ثلث المديونية البالغة حوالي 38.6 مليار دولار.
وأشار إلى أن المخاوف بالنسبة للأردن تكمن في أن الاحتياطي في غالبه وهمي كونه لا يأتي من أنشطة اقتصادية حقيقية، إذ أن نسبة كبيرة منه قادمة من المساعدات الخارجية والقروض، وهنا تكمن المخاطر على مستقبل الاحتياطات الأجنبية.
وقالت وزارة التخطيط الأردنية مؤخرا إن مجموع المساعدات الخارجية التي تعاقد عليها الأردن العام الماضي مع دول وجهات مانحة بلغ حوالي 3.65 مليارات دولار بين قروض ومنح.
ومن جهة أخرى يخشى الأردن عودة أعداد كبيرة من مواطنيه العاملين في الخارج، سيما في دول الخليج العربي، والذين تشكل تحويلاتهم المالية من العملات الأجنبية رافدا أساسيا للاقتصاد ورفع مستوى الاحتياطات من العملات الصعبة، وخاصة من الدولار واليورو والجنية الاسترليني.
وقد نجحت الحكومة بحسب مصدر مسؤول من العودة بالاحتياطيات من النقد الأجنبي إلى مستويات جيدة، بعد أن هبطت إلى حوالي 6 مليارات دولار عام 2012 ما شكل خطورة على تمويل الواردات من مختلف البلدان، والتي تتم على الأغلب بالدولار واليورو.
إلى ذلك، قال رئيس غرفة صناعة عمان عيسى مراد لـ "العربي الجديد" إن الاحتياطات عامل مهم للاقتصاد الأردني كون الواردات تتم بالعملات الصعبة، وبالتالي فإن المستوى الموجود حاليا منها يكفي لتغطية تلك الواردات لفترة تزيد عن 7 أشهر. وأكد أهمية العمل على تعزيز حركة الصادرات واستقطاب مزيد من المشاريع الاستثمارية وتكثيف الجهود مع الدول الخليجية لإيجاد فرص عمل للأردنيين.
وتابع مراد أن الدول تسعى إلى مراكمة احتياطات مهمة من النقد الأجنبي بهدف تحقيق جملة من الأهداف، منها القدرة على التأثير في أسعار الصرف وتوفير بيئة اقتصادية مستقرة وتعزيز ثقة الدائنين والمستثمرين الأجانب في الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن الاحتياطات من العملات الأجنبية تهدف إلى تحقيق القدرة على مواجهة الصدمات التي تنتجها الحركة المفاجئة للرساميل الدولية بالنسبة للاقتصاد وامتصاص آثارها، بالإضافة لتجنب الاستدانة من الخارج في حال وجود نفقات غير متوقعة تستلزم الأداء مقابل عملات غير محلية.
وحسب بيانات البنك المركزي فقد بلغ إجمالي تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج خلال العام الماضي حوالي 3.71 مليارات دولار بارتفاع طفيف بلغ 0.3% مقارنة بالعام الذي يسبقه. فيما انخفضت قيمة الصادرات الكلية بنسبة 1.3% خلال الأحد عشر شهرا الأولى من العام السابق لتبلغ 6.76 مليارات دولار، ووفقا للبيانات فقد ارتفعت قيمة الواردات بنسبة 5.4% لتلك الفترة لتبلغ حوالي 18.51 مليار دولار. كما سجل الدخل السياحي ارتفاعا بنسبة 12.5% وبلغ 4.55 مليارات دولار.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة العمل محمد الخطيب لـ "العربي الجديد" إن الوزارة لم تصلها معلومات عن عودة أعداد كبيرة من الأردنيين العاملين في الخارج، وأن العودة تتم بشكل فردي وليس جماعيا.
وأكد عضو إدارة غرفة صناعة الأردن محمد الخرابشة ، أن القطاع الصناعي الأردني يعتبر المصدر الأهم لبناء الاحتياطات الأجنبية من خلال الصادرات التي تأتي غالبيتها من الصناعة، الأمر الذي يتطلب الاهتمام أكثر بهذا القطاع الذي يعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد.
وشدّد على ضرورة تسهيل دخول الصادرات الأردنية إلى الأسواق الخارجية، وتفعيل العمل باتفاقيات التجارة الحرة الموقعة مع كثير من البلدان، في الوقت الذي يتوجب فيه التركيز على جذب الاستثمارات والسياح.
وخفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني العام الماضي تصنيف الأردن الائتماني إلى B+ مع نظرة مستقرة، وذلك بسبب ضعف هيكل الدين الحكومي وزيادة الحاجة للتمويل الخارجي. وأضافت الوكالة أن الإصلاحات المالية في الأردن من المرجح أن تكون أبطأ من المتوقع، بسبب ضعف بيئة الاقتصاد الكلي والضغوط الاجتماعية. العربي الجديد