أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

فيسبوك يفضح مستخدميه

مدار الساعة,مقالات مختارة,مواقع التواصل الاجتماعي
مدار الساعة ـ
حجم الخط

"السوشال ميديا" تقوّض الديمقراطية. لم يعد هذا موقفا منحازا لاعداء التواصل الاجتماعي، إنما واقع لاينكره أشد المؤيدين لتلك الوسائل وتدعمه أدلة وبراهين تتواتر تباعا.

"فيسبوك" أشهر وأكبر منصات التواصل العالمي، سجلت في الأيام الأخيرة فضيحة مدوية تكاد تقضي على مكانة الموقع، بعد اكتشاف تسريب بيانات 50 مليون مستخدم دون علمهم واستخدامها من قبل شركة بريطانية لغايات التأثير في توجهات الناخبين الأميركيين.

وصف سلوك"فيسبوك" بانه انعدام للمسؤولية ليس كافيا للاحاطة بالفضيحة أو مداراتها، فما حصل لم يكن سوى حلقة في سلسلة طويلة من عمليات التسريب للبيانات الشخصية التي ثبت باعترافات مسؤولين سابقين في الشركة بأنها خارج قدرة السيطرة عليها بمجرد خروجها من خوادم الشركة، لتصبح مشاعا عالميا.

وقد استخدمت تلك البيانات على نحو فعال للتلاعب بتوجهات الناخبين وخداعهم بأخبار مزيفة ليس في الانتخابات الأميركية الأخيرة، بل في عديد الدول من بينها البرازيل على سبيل المثال.

الفضيحة المدوية، هوت بقيمة الشركة العملاقة وكبدتها خسائر تجاوزت 50 مليار دولار في أقل من أسبوع. لكن الأخطر من ذلك انهيار ثقة المستخدمين بالشركة وانكشاف دورها في انتهاك خصوصياتهم لصالح اجهزة استخبارية وقوى اقتصادية وسياسية نافذة، وهو مادفع بهجرة جماعية من "فيسبوك".

المشكلة ليس في"فيسبوك" كوسيلة، بل في طريقة استخدامها سواء من طرف المستخدمين أو الشركة المالكة لهذا الكم الهائل من البيانات الشخصية لمئات ملايين البشر حول العالم.

ستبدل هذه الوقائع النظرة لمواقع التواصل الاجتماعي، واهم تغير محتمل هو إنكفاء دورها الإعلامي وانحسار وظيفتها بالتواصل الاجتماعي. لقد تراجع موقع" فيسبوك" فعليا عن مشروعه الإعلامي بعد أن أطلق سلسلة من المشاريع والأفكار للاستحواذ على صناعة الإعلام في العالم.

سنوات الانفجار الرقمي الأخيرة، كانت محل رهان عالمي على تحول مواقع التواصل الاجتماعي لمنصات تدعم الحقيقة وترفد البشرية بالمعلومات الصحيحة، لكن التجربة العملية أعطت نتائج مخيبة للغاية، فقد أصبحت هذه المواقع ميدانا للمعلومات والأخبار الكاذبة والمزيفة، ووسيلة للتغرير بالناس وخداعهم عبر سيل المعلومات المفبركة دون أدنى قدرة على التحكم فيها أو تجنبها من طرف القائمين على إدارة هذه المواقع.

وضاعف من عواقب الممارسة اتباع تلك المنصات نهجا في توزيع ونشر الأخبار لايراعي حقا أصيلا بالتنوع، ولايحترم قيم الديمقراطية التي تستوجب إطلاع البشر على وجهات النظر المختلفة حيال مختلف القضايا. توجيه الأخبار والتفضيلات في"السوشال ميديا" بما يدعم وجهة نظر الأفراد ويعزز انحيازاتهم. وهي بذلك تشجع على الاستقطاب الحاد في الأراء وتعزز ثقافة الكراهية عوضا عن دعم التنوع والتعريف بمواقف وثقافة الأخرين.

تحولت منصات التواصل الاجتماعي لميادين حرب أيدولوجية وسياسية، ومحركا للحروب الأهلية والطائفية، وفي حالات عديدة كانت سببا مباشرا في سفك الدماء، ناهيك عن الاستباحة الكاملة من جانب الجماعات الإرهابية في العالم واستخدامها وسيلة للتواصل بين الشبكات الإرهابية والتحضير لتنفيذ عمليات مميتة في عديد الدول.

لايمكن الاستغناء عن"السوشال ميديا" لكن على مستخدميها أن يعلموا أن حياتهم لم تعد ملكا لهم. الغد

مدار الساعة ـ