انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

عن ذكائنا الاجتماعي «2»

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/25 الساعة 00:36
سحاب,

تحدثنا في المقال السابق عن غياب الذكاء الاجتماعي عن الكثير من سلوكياتنا، واستعرضنا بعض مظاهر هذا الغياب عن سلوكنا في الشارع، لنتحدث في هذا المقال عن صور أخرى من صور غياب الذكاء الاجتماعي عن سلوكنا كأفراد، ونبدأ من عادة الرد من عدمه التي تحدثنا عنها في المقال السابق، عندما أشرنا إلى غياب الذوق والذكاء عن ممارسة عدم الرد على هواتفنا لنكمله، بالحديث عن عدم الرد إيجابا أو سلبا، على الدعوات التي نتلقاها سواء لحضور مأدبة أو فرح أو ندوة أو محاضرة، ثم لا يكلف الواحد منا نفسه عناء الاتصال هاتفيا، أو برسالة هاتفية، أو عبر الواتساب بالجهة الداعية، تأكيداً للحضور أو اعتذاراً، مما يربك هذه الجهة، خاصة إذا كانت الدعوات شخصية، أو إذا كانت مرتبطة بتكاليف مادية، كحفلات الخطوبة والأعراس وغيرها، أو إذا كانت مرتبطة بطرف ثالث يقام اللقاء على شرفه، وهذا لون آخر من ألوان الإهمال الذي نمارسه والذي يعكس حالة حضارية غير لائقة، ومستوى من الذوق غير مقبول ينم عن غياب الذكاء الاجتماعي.

وارتباطا بالحضور والغياب، فإن سلوك الكثيرين منا يتسم في هذا المجال بكثير من غياب الذوق والذكاء الاجتماعيين، من ذلك على سبيل المثال أن البعض يذهب إلى المشاركة في نشاط ثقافي أو فكري، ثم لا يتردد في أن يغادر القاعة دون أن ينتظر انتهاء المتحدث، أو حتى دون اختيار توقيت مناسب للإنسحاب بصورة هادئة من القاعة، وهذه صورة من صور غياب الذكاء الاجتماعي، ليس أسوا منها إلا صورة بعض الذين يصرون على فتح أحاديث جانبية أثناء حديث المحاضر، أو المتحدث الرئيس في النشاط الثقافي، في سلوك فيه الكثير من غياب الذوق والذكاء الاجتماعيين، فأبسط درجات الذوق أن تحسن الاستماع إلى من يحدثك، أو على الأقل أن لا تضايق المتحدث ومن يستمع إليه من الحضور أو «تشوش» عليهما، غير أن الأسوأ من الذين يغادرون الأنشطة في وقت غير مناسب، أولئك الذين يفرضون أنفسهم على أنشطة ذات طابع خاص، وهي ظاهرة بدأت تتنامى في بلدنا خاصة في المناسبات التي يتخللها مآدب، في سلوك ينم عن الكثير من الغباء الاجتماعي.

وعودة للأحاديث، الجانبي منها وغير الجانبي، فإن من مؤشرات الذوق والذكاء الاجتماعيين آداب الحديث ومن أدب الحديث، التحدث بصوت منخفض، وملاءمة الحديث لنوع الجلسة ومناسبتها، ومستوى المشاركين، فيها فليس من الذوق ولا من الذكاء أن يتحدث أحدهم بصوت مرتفع في الأماكن العامة، ومن الأماكن العامة القاعات والمسارح ودور السينما والمطاعم ووسائط النقل، وهو أمر ينسحب على الأماكن الخاصة التي يجب أن يتجلى فيها الذوق والذكاء في أوضح صورهما.

هذا عن رفع مستوى الصوت أثناء الحديث غير أن ما هو أبشع من الصوت المرتفع هو عدم ملاءمة الحديث نوعا ومضمونا للمناسبة التي يقال فيها، كأن نتداول النكات، أو أخبار البورصة في المآتم، أو أن نتحدث عن همومنا وأحزاننا في حفلات الزفاف، فهذه كلها من تعبيرات غياب الذكاء الاجتماعي عن الكثيرين منا.

إذا كانت كثيرة هي مظاهر غياب الذكاء الاجتماعي، فإن أكثرها تكراراً في مجتمعنا هي عدم احترام الأوقات والمواعيد، الخاصة منها والعامة،وهذه ممارسة تعني عدم احترام الحياة نفسها، وتبذير أهم رأس مال يملكه الإنسأن، وهو وقته «أي حياته» عداك عن انعدام احترام الموعد ممارسة مرذولة، فيها الكثير من الإساءات والإهانات، وأول ذلك أن من لا يحترم مواعيده يسيء لنفسه ،عندما يرسم لها عند الغير صورة سلبية، ويسيء لها عندما لا يحترم وقته،»أي حياته» فالوقت هو الحياة التي يجب أن نمضيها بأعلى درجات الاحترام والانضباط، ومن لا يحترم موعده يسيء لغيره ممن كان معه على موعد،عندما يجعله ينتظر ويضيع جزءا مهما من وقته «أي من حياته»، آخذين بعين الاعتبار أن الحياة تحسب بالنقير، وهو النقطة الصغيرة على نوى التمرة، في مؤشر على أهمية أن نستثمر كل ثانية فيها بالعمل المنتج لا في الانتظار المقلق والمتوتر.

إن مما يوقع الكثيرين في خطيئة عدم احترام الوقت بكل ما في هذه الخطيئة من إساءة للنفس وللغير، وغياب للذوق والذكاء الاجتماعيين، حرص بعض الناس على أن يحملوا أنفسهم فوق طاقتها، ليس حباً في العمل والإنتاج، ولكن حباً في الظهور والإنتشار، فتجد الواحد منهم عضواً في الكثير من مجالس الإدارات والجمعيات والمؤسسات، مما يجعل وقته مكتظاً وأداءه مرتبكاً، وغير دقيق ليصبح في النهاية غير محمود، وهو سلوك يغيب عنه الذكاء ذلك أن إتقان العمل والتواجد المؤثر في أماكن محددة، أفضل بكثير من الانتشار غير المؤثر الذي يمارسه بعض من يعوزهم الذكاء الاجتماعي وما أكثرهم بيننا.

الرأي

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/25 الساعة 00:36