مدار الساعة - انتقد المركز الوطني لحقوق الإنسان، عدد من الاجراءات التي اتخذتها حكومة الملقي، وبعض الاحتجاجات والحركات التي خرجت في بعض مناطق المملكة قبل أيام .
وقال المركز الوطني في بيان له الثلاثاء ان الحكومة برفعها الأسعار ورفع الدعم عن السلة الرئيسية للأردنيين وهي الطحين، عملت على زيادة الأعباء على كاهل المواطن الاردني ، وزاد من هذه الأعباء ما رافق تلك الخطوة من مضاعفات شملت ارتفاع الاسعار، وبشكل خاص أسعار الطاقة.
كما نتقدت حقوق الانسان، حكومة الملقي، فيما يتعلق بالاجراءات حول حجز الحرية، وضمانات المحاكمة العادلة، والحجز الانفرادي في الزنازين لأشخاص لا تنطبق عليهم مواصفات "موقفين خطرين"، وطول أمد التوقيف القضائي، والاحالة الى محكمة أمن الدولة على افعال وتهم لا تعتبر من الجرائم التي هي من اختصاص هذه المحكمة.
من ناحية أخرى، وجه المركز الوطني لحقوق الانسان انتقادا لاذعا لعدد من الأشخاص الذي شاركوا في الحراكات، وأساءوا للأردن عامة ولأشخاص معينيين خاصة، مؤكداً ان القانون يسمح بمحاسبتهم قضائيا ,
وأضاف البيان: " خرجت تلك الهتافات والخطابات والشعارات في حالات عن المستوى والنطاق الذي يحميه الدستور والمعايير الدولية ذات الصلة لتمس سمعة الأشخاص وكرامتهم، بما في ذلك رأس الدولة ، ما يجعل مساءلة أصحابها قضائياً ممكنة ومشروعة وفق هذه المعايير".
وتاليا نص البيان ...
بيان صادر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان، بشأن الاحتجاجات الشعبية رداً على اجراءات الحكومة الاقتصادية الأخيرة وتعامل السلطات المختصة مع هذه الاحتجاجات
تابع المركز الوطني لحقوق الإنسان الاحتجاجات السلمية التي قام بها مواطنون إثر الاجراءات الاقتصادية والمالية الاخيرة والتي أقرتها الحكومة بالتشاور مع مجلس الامة، ويود ان يسجل بشأن ذلك الملاحظات التالية:-
نتج عن تلك الاجراءات، لا سيما رفع جميع اشكال الدعم المباشر عن مادة الطحين، السلعة الحيوية وذات ألرمزية الخاصة، زيادة الأعباء على كاهل المواطن. وزاد من هذه الأعباء ما رافق تلك الخطوة من مضاعفات شملت ارتفاع الاسعار، وبشكل خاص أسعار الطاقة.
ضاعف من قلق المواطنين ايضاً التعديلات المقترحة على قانون ضريبة الدخل والتي تسربت قبل الاعلان عنها رسمياً، وأحدثت أثرها السلبي لدى الجمهور كونها تعد مجحفة بحق شريحة واسعة من المواطنين من ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى باعتبارها تحيد عن مبدأ ’’التكليف التصاعدي مع تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية‘‘ الذي نصت عليه المادة 111 من الدستور.
لم تقتصر الهتافات والشعارات التي اطلقها المحتجون الاعتراض على اجراءات الحكومة المالية والاقتصادية بل تجاوزت ذلك للتنديد بالحكومة وبسياساتها بشكل عام، مطالبة برحيلها، وبضرورة تغيير النهج الاقتصادي بشكل جذري والجدية في محاربة الفساد المقونن وتحقيق الاصلاح السياسي. ووجه المحتجون خطابهم الى رأس الدولة معتبرينه العنوان الفعلي الذي يجب مخاطبته في هذا الشأن، كون مجلس الوزراء لم يعد يمتلك الولاية العامة ولا يمارسها وفق النظرة السائدة لدى جمهور المواطنين. ولا شك ان هذه الحالة تمثل خللاً اساسياً في البنية الدستورية للدولة والنظام السياسي.
خرجت تلك الهتافات والخطابات والشعارات في حالات عن المستوى والنطاق الذي يحميه الدستور والمعايير الدولية ذات الصلة لتمس سمعة الأشخاص وكرامتهم، بما في ذلك رأس الدولة وأسرته، ما يجعل مساءلة أصحابها قضائياً ممكنة ومشروعة وفق هذه المعايير.
بالمقابل انتهكت اجراءات الحكومة وأجهزة إنفاذ القانون المعايير ذاتها والتي يكفلها كل من الدستور والصكوك الدولية، لا سيما الاجراءات المتعلقة بحجز الحرية، وضمانات المحاكمة العادلة، والحجز الانفرادي في الزنازين لأشخاص لا تنطبق عليهم مواصفات "موقفين خطرين"، وطول أمد التوقيف القضائي، والاحالة الى محكمة أمن الدولة على افعال وتهم لا تعتبر من الجرائم التي هي من اختصاص هذه المحكمة، بصرف النظر عن موقف المركز من استقلالية هذه المحكمة ودستورية محاكمة مدنيين امامها بتهم غير تلك التي يتضمنها قانونها.
وصل الى المركز شكاوي وادعاءات تفيد بأن بعض المسؤولين في اجهزة انفاذ القانون قد انخرطوا في ممارسة ضغوطات بأشكال مختلفة على الموقوفين للتأثير على قناعاتهم وحرية الضمير والرأي لديهم، بما في ذلك حث ذويهم على اعلان الولاء والتأييد للنظام ولجلالة الملك والعرش مقابل تسريع اطلاق سراح ابنائهم المحتجزين لدى هذه الجهات بتهم المساس بالسمعة والتطاول على رأس الدولة. وغني عن القول أن مثل هذه الادعاءات ـــ ـ في حال ثبوتها ـــ تعد ممارسة غير مسبوقة وغير مقبولة وتمثل انتهاكاً جسيماً للحق في حرية التعبير وممارسة النقد والمساءلة للموظف العمومي؛ إذ ان مسؤولية الدولة هي ضمان هذا الحق للمواطنين وحماية ممارسته بدون استثناء هي مسؤولية الدولة وحدها، ولا يجوز تعريض هذا الحق او اخضاعه لأي قيود او محددات باستثناء ما نصت عليه المواثيق ذات الصلة، لا سيما المادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاعلان العالمي لحقوق الانسان على حد سواء وذلك لحماية حقوق الاشخاص وسمعتهم في هذه الحالة. ويعتبر تجاوز اي مؤسسة أو جهة رسمية لمسؤولية الدولة هذه انتهاكاً جسيماً لمبدأ حكم القانون الذي نادى به جلالة الملك ويأتي في صميم الدستور، مثلما يمس بمبدأ حيادية مثل هذه المؤسسات الرسمية تجاه مختلف فئات المجتمع وبالتزامها كجهة إنفاذ القانون بتطبيق مثل هذا القانون وحماية الحقوق للجميع بدون تمييز.
إن التضييق على الحق في الاحتجاج السلمي ومساءلة السلطات والمسؤولين على الانتقاد للسياسات العامة والممارسات غير السليمة لا يخدم الأمن أو التنمية، وينال من حيوية المجتمع ومناعته مثلما يضعف الثقة بين المواطن والدولة ويساعد على خلق بيئة مواتية لاستشراء الفساد والسلطوية والمحسوبية؛ وهذه مجتمعة تمس حكم القانون وشرعية الحكم.
فمسؤولية الدولة وأجهزتها هي ضمان الحق في الاحتجاج والنقد (دون التجريح) أو الشتم والاساءة الشخصية، ومحاسبة من يقترف مثل هذه الإساءة لكرامة الاخرين وسمعتهم على اساس القانون الذي لا يمكن ان يكون قانوناً اذا لم يكن دستورياً وضاماً لحقوق الإنسان.
أخيراً، يهيب المركز الوطني لحقوق الانسان في هذه الظروف غير العادية (داخلياً وخارجياً) التي تمر بها البلاد والمنطقة بأن تتضافر جهود جميع السلطات والمؤسسات المعنية للحفاظ على الانجازات التي حققها الاردن في مجال احترام حقوق الانسان وحكم القانون وذلك بخضوع الجميع لسلطانه دون استثناء، والتنبه دائماً الى أن حماية هذه الحقوق وجوهرها احترام كرامة المواطن والإنصات لصوته وحفظ حقه في مخاطبة السلطات العامة ومساءلتها هو جوهر الأمن الناجز.(رؤيا)