د. عبدالله عويدي العبادي
أتابع عن كثب ،كما يتابع غيري من المواطنين، الحراكات و الإحتجاجات الشعبية والتي جاءت كردة فعل على الإجراءات الحكومية المتراكمة. وانا لا يخيفني احتجاج المواطنين ولا ردة فعلهم، فمعظمهم يتحرك من منطلق وطني ومنطلق شخصي لتراجع احوالهم المعيشية و تردي أوضاعهم المالية.
أرجو ان يحرص أبناء الوطن، و الذين أحبهم و أجلهم و أحرص عليهم، تماما كحرصنا جميعا على وطننا و مصالحه و أمنه من أن يندس بينهم أصحاب الشعارات المضللة والذين تقتضي مصلحتهم زعزعة أمن و استقرار هذا الوطن خاصة في مثل هذه الظروف.حيث يظهر علينا أشخاص يدّعون الوطنية ويتباكون على مصلحة الوطن و المواطنين و يستغلون هذه الظروف لطرح شعارات براقة ظاهرها فيه الرحمة و باطنها فيه الفوضى و المساس بمقدرات الوطن وزعزعة أمنه و استقراره.
يغرر هؤلاء المندسون بالأبرياء من المواطنين ويدفعون بهم نحو الصف الأول ويطلبون منهم، بطرقهم المباشرة وغير المباشرة، أن يكونوا معولا للهدم و نشر الفوضى ثم ينكصوا على أعقابهم فيتنكرون لهم.
هؤلاء لا تروق لهم لغة الحوار الوطني الهادف لقناعتهم بأن من لايوافقهم الرأي فهو ضدهم،. ومن وافق هواهم فهو حر شريف ووطني ومن لم يوافق هواهم فهو عبد خائن ووضيع.يجب أن لا يسمح المواطنون لهؤلاء بالإندساس في صفوفهم لإنهم في نهاية المطاف سينسفوا أي توافق وطني.
لقد عشنا في هذا الوطن في ألفة ومحبة أخوة نتقاسم لقمة العيش و نتشارك في الأفراح و الأتراح لا يفرقنا مذهب و لا تفرقنا الجغرافيا و لا الولاءات السياسية أو الطبقية أو العرقية. وهذا كان و ما زال سر قوتنا و نمو مسيرتنا و تقدم وطننا وصمود أركانه ضد كل العاتيات. سنبقى صامدين على العهد وعلى البيعة التي قطعناها للهاشميين نرعاها و نتمسك بها فهي الخيمة التي نحتمي بها و الحصن الذي نلوذ به ونفديه بمهجنا و بما نملك.
علينا جميعا توجيه رسالة لهؤلاء المندسين و أصحاب المصالح الخاصة بأن الوطن أغلى منا جميعا، وأن مصلحة الوطن لا تعلوها مصلحة وأن الوطن يتسع لنا جميعا وأن الوطنية تقاس بما يقدمه الشخص لوطنه لا بما يأخذ الشخص من هذا الوطن و أن الحر من ينتفض للوطن ويفديه بأغلى ما يملك لا من يتصيد الفرص للإنقضاض عليه.
اذا أردنا إحداث تغيير حقيقي في وطننا و سياساته نحو الأفضل، فلا بد لنا من تحويل هذه الإحتجاجات الى عمل منظم واضح المعالم و مستند الى نظام ثابت و مستقر.والحل هنا هو تشكيل الأحزاب السياسة ذات البرامج الواضحة فيكون المواطن هو صاحب الصوت القوي و الحق المطلق في اختيار من يريد من الأحزاب.
وهذا ما دعى له جلالة الملك في مناسبات عدة لتتحول الحكومة الى حكومة برلمانية منتخبة ويكون الشعب هو صاحب الحق المطلق في دعمها أو ازاحتها.
ما أراه هو أن أن الباب مفتوح لكل ابناء الوطن لتشكيل الأحزاب السياسية لتنزل للساحة و تطرح للمواطنين برامجها المختلفة وما تؤمن به وتراه لرفعة الوطن، عندها سيرى المندسون حجمهم الحقيقي وثقلهم الشعبي لإنه ليس لديهم من البرامج ما يقدمونه للناس.
أما مجلس النواب، فقد جاء هذا المجلس بناء على انتخابات شعبية شهد لها المراقبون الأجانب أنها نزيهة، وبالتالي فالنواب منا و لنا ونحن جئنا بهم الى حيث هم فإذا اعتقدنا أن أداءهم سيء او ضعيف فيجب أن نلوم أنفسنا، فقد رأيت كما رأى كل مواطن اندفاعنا الشديد نحو انتخاب شخص ما فكيف لنا أن ننقلب على أنفسنا بهذه السرعة و كيف لنا أن نظمن عدم تكرار «الخطأ» لو أعدنا الإنتخابات الآن. الرأي
* أستاذ أمراض الدم و السرطان