مدار الساعة - ودع العمانيون أمس وراق المدينة، هشام المعايطة، الذي رافقهم طويلا عبر مكتبته التي كانت صديقة للمثقفين والطلبة، وتقدم خدمات القراءة والاستعارة للقراء على مدار 24 ساعة.
فبعد مرور حوالي الشهر على حريق التهم أكثر من 10 آلاف كتاب في مكتبة "خزانة الجاحظ" المشهورة في وسط البلد بالعاصمة عمان، غيب الموت أمس صاحب المكتبة إثر حادث سير.
حينها، أمر جلالة الملك بتقديم مساعدة مالية للمكتبة، من أجل أن تعود إلى خدمة الثقافة والمعرفة في العاصمة.
وقبل عامين، تقريبا، تعرضت الخزانة إلى حادث سير عنيف أدى إلى تحطم وتهشم مختلف محتوياتها.
واصدمت سيارة بخزانة الجاحظ. وكان ذلك الحادث الثاني الذي تتعرض له المكتبة خلال فترة قصيرة، إذ تسبب الهطل المطري الذي عرف بسيول عمان، وقتها، بغرق المكتبة وتلف محتوياتها.
وقدر شهود خسائر المكتبة جراء الحادثين بأكثر من 5 آلاف دينار.
و"خزانة الجاحظ"، عبارة عن مكتبة صغيرة وسط البلد، لكن أهميتها تأتى من احتوائها مخطوطات تعود إلى 800 عام، لا تتوفر في الكثير من المتاحف، إلا أنها موجودة في خزانة الثقافة عند هشام المعايطة.
ورث المعايطة مهنة الوراق عن أبيه الذي ورثها عن جده منذ زمن العثمانيين حيث كانت "خزانة الجاحظ" في مدينة القدس، إلى أن انتقلت إلى عمان في وسط البلد مقابل البريد القديم وأصبحت معلما مهما من معالم عمان القديمة التراثية.
واستقرت المكتبة التي تعد من أقدم المكتبات في عمان، بموقعها الحالي، العام 2001، في شارع الأمير محمد، الذي اعتبره هشام نقطة التقاء جبال عمان في وسط البلد.
وبحث المعايطة عن مكان جديد رحب يستوعب جميع الكتب والمخطوطات لديه.
جاءت تسمية الخزانة نسبة الى والد هشام، وهو خليل الذي كان يعمل في مكتبة فلسطين، وكانت عيناه جاحظتين وكان اديبا ويتقن اللغة الانجليزية والتركية.
وتبيع المكتبة الكتب والمجلات الفكرية والكتب السياسية الإسلامية والفكرية التاريخية كاملة بشتى اللغات: العربية والإنجليزية والفرنسية.
وتتوفر فيها كتب المذاهب والأديان والطب العربي، من ابن سينا والرازي وما يعرف بالطب البديل منذ أيام طبعات "بولاق الأميرية" في عهد نابليون والتصوف الإسلامي.
ويلفت المعايطة إلى اهتمامه بتوفير الكتب الإسلامية لكبار الأئمة من مشهور حسن، ناصر الدين الألباني مراد شكري، علي الحلبي وغيرهم .
وأشار إلى شخصيات سياسية واجتماعية وثقافية وساسية ترتاد المكتبة إلى جانب السفارتين البريطانية والفرنسية، حيث يزودهما بالكتب القديمة بلغات عديدة تعود بعض طبعاتها إلى أيام الانتداب البريطاني.
كما لفت إلى تزويد بعض مكتبات الجامعات الأردنية بمخطوطات نادرة وقديمة جداً.
وتعتمد مكتبة الجاحظ اسلوب الاعارة منذ 100 عام.
واعتبر المعايطة أنها بذلك أول مكتبة تعمل على نشر الثقافة والمعرفة بأسلوب الاعارة بأسعار زهيدة.
وبأسلوب جديد عمل هشام على العناية بكتب الاطفال، ومنهم نسبة كبيرة من رواد المكتبة، الذي يسعى الى ارشاد وتأهيل اجيال مثقفة تحمل العلم والمعرفة لاستكمال المسيرة العلمية.
ورفض المعايطة بيع المجلات والصحف ذات المكاسب المربحة، مبررا ذلك لكون اختصاص مكتبته بالكتب والمخطوطات الشاهدة على أحداث مرت بها المنطقة العربية، مصرا على المحافظة على مهنة "الوراق" التي ورثها عن أبيه وأجداده.
يذكر أن مؤسس مكتبة الجاحظ، سليمان المعايطة، هو شاعر وأديب أردني (1930 - 1993) من مواليد الكرك، يُعتبر أحد أشهر ورّاقي مدينة عمّان، وأسهم في الحياة الثقافية المحلية للمدينة.
وبعد قدومه من القدس أسس مكتبة الجاحظ في وسط البلد، وأصبحت أحد المعالم الثقافية لمدينة عمّان.