أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مختارة تبليغات قضائية مقالات أسرار ومجالس مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

سلطة الميكروفون

مدار الساعة,مقالات مختارة,المملكة الأردنية الهاشمية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

لعقود طويلة كان الأردنيون يضبطون ساعاتهم على دقات نشرة أخبار الثانية ظهرا والإشارة التي تقول "هنا عمان.. إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية"، فقد كانت الاذاعة تبث نشراتها عند السابعة صباحا والثانية ظهرا وهي أوقات الذروة التي يستمع الناس فيها للنشرات في البيوت ووسائط النقل والشوارع حيث لا تخلو المحلات التجارية والمطاعم من اجهزة الراديو، فقد اعتاد الجميع على سماع النشرات التي تلخص احداث العالم بلغة جميلة ذات ايقاع فيه الكثير من الهيبة والاحترام للذوق العام، فكان المستمع يتواصل مع المذيع دون أن يقابله.

في الاردن اليوم ما يزيد على خمسين قناة فضائية واكثر من 40 اذاعة محلية اضافة الى محطات اعادة البث التي تتنافس على اهتمام ومتابعة اكثر من عشرة ملايين مستمع ومشاهد في الاردن وتطمح ان تأخذ نصيبا من الجمهور في دول ومجتمعات الجوار.

شوارع المدن الرئيسية مرصعة بصور ورسومات وشعارات الحملات الدعائية للمحطات التلفزيونية والاذاعية التي تحاول الوصول الى مجموعات وفئات جديدة بغرض توسيع دائرة المشاهدة والاستماع.

في السوق الإعلاني الاردني الذي يعتبر متواضعا مقارنة مع اسواق الخليج العربي والعالم الصناعي تستحوذ الاذاعات على النسبة الاعلى من الاموال التي تنفقها الشركات والمعلنون، وهي بذلك تتفوق على ما تحصل عليه المحطات التلفزيونية التي تستخدم استراتيجيات تسويقية خجولة ومقيدة. في الإذاعات التي تأسست مع بدايات القرن وفي كنف مؤسسات كبرى استخدمت استراتيجيات غير تقليدية في جذب المعلنين وبناء الدورة البرامجية اصبح الجميع يقلدونها.

الاتصال غير الرسمي مع المعلنين ومرونة الاجراءات وإشراك الكادر في التسويق والاتصال وإبرام الصفقات وتوفير الحوافز للمقدمين وإعطاء النجوم مساحات واسعة لإظهار مواهبهم في التواصل والتقديم حررت البرامج الاذاعية من الرتابة القاتلة وقربت المحتوى والمضمون من المتلقي، الأمر الذي أسهم في إيجاد قطاعات واسعة من المتابعين المخلصين لبعض المحطات وللمستوى الذي يلامس التعصب.

المشكلة فيما يخص الاذاعات وبرامجها التفاعلية لا تتعلق بنقص الجمهور او العزوف عن المتابعة بمقدار ما ترتبط بالافتقار الى مهارات الإعداد واستسهال البعض لتعبئة الوقت بما تيسر دون اي تفكير وإمعان بما يمكن ان يقدمه البرنامج او اللقاء من رسائل وما يمكن ان يكون له من أثر على المستمع ومعارفه وقيمه واتجاهاته. الارتجال والاستخفاف بالموضوعات التي يتناولها المذيع وتسطيحها الى الحد الذي يجعل ما يقال اقرب الى التهريج والاصوات التي تتخللها ضحكات في غير مكانها وزمانها اصبحت سمة يتحلى بها بعض المقدمين، الأمر الذي يجعلك تستمع لتستغرب مستوى التدهور الذي آلت اليه ثقافتنا وتتساءل هل السير بهذا الاتجاه مقصود ام عفوي؟

قبل ايام كنت عائدا من إحدى مدن الشمال فحاولت ان امضي بعض الوقت في الاستماع الى برنامج على إحدى محطات الاذاعة المحلية، وتفاجأت بحجم المعلومات غير الدقيقة التي جرى الحديث عنها بكثير من اليقين. بعض المذيعين والمذيعات يصدرون أحكاما على قضايا وظواهر وممارسات دون تقديم مبررات. استمرار وجود بعض الصبايا والشباب دون رقابة وتدريب وتوجيه مخاطرة يرتكبها المجتمع والإذاعات وسلطة الإعلام.

خفة الدم والضحك واللبننة والدردشة الحرة مع المستمعين قد تكون مفيدة لكنها غير كافية ولا تبرر منح الصبايا والشباب سلطة الميكروفون ليبثوا احكامهم وقيمهم ومغالطاتهم، فالفضاء حيّز عام ينبغي حمايته وينبغي ان نحترم ذكاء وذائقة كل مستخدميه. الغد

مدار الساعة ـ