أردد دائماً نظرة الأطفال تسقط العالم بأسره، لما فيها من أمل وطهر وحب وإيمان وبراءة وشقاوة والوصف لا ينتهي وربما لا يوصف، بالفعل أسقط أطفال سوريا كل ما في العالم من إنسانية لم يعد أحدنا يرغب بمشاهدة الأخبار كي يبتعد قليلا عن المناظر الكارثية والمأساوية لهؤلاء الأطفال التي لن يمحيها التاريخ من ذاكرتنا ونحن مشاهدون فقط من خلال شاشات التلفاز ولم نكن في قلب الحدث؟!
حقاً ألقت الحرب في سوريا بظلالها الثقيلة والمدمرة على كل المدنيين ونال الأطفال الحصة الأكبر من الدّمار الشامل سواء كانوا تحت الرّكام أو على قيّد الحياة! ولم تعدّ الحياة حياة لهم ماذا سيصنعون في الذاكرة التي تعد من أثقل ما يحملّه الإنسان ... في سن الطفولة تشّكلت في ذاكرتهم صورة واحدة كاملة متكاملة حول الدمار والدم والقتل والأسلحة والقصف المستمر بشتى أنواعه وأشكاله!
تبلدت مشاعرنا ربما حياتنا صعبة لدرجة أننا لا نستطيع أن نفكر أو نشعر بما يجري حولنا كما يجب أن يكون، لكن من الصعب أن لا تجمع أخبار العالم في نصف ساعة والمشهد السوري إنسانيًا حاضرًا بقوة، مشاهد تدمي القلب والعقل حتى ترفض كل شيء في هذا العالم ،أنسى الحدث والمشهد أسقطه فقط ركز على هؤلاء الأطفال الذين يتواجدون تحت الرّكام أو بين الرّكام أو فوق الرّكام ...هذا المشهد شاهدناه كثيراً.. الأجمل منه تلك الطفلة التي تصرخ من أعماق روحها وهي تبحث عن والديها بابا.. وينك بابا ما عم بسمعك !وهي شبه ممزقة ، أيضاً هذا المشهد ممل
الأقوى ربما ذلك الطفل الذي لا يتجاوز العاشرة من عمره وهو يحاول أن يخرج من تحت الرّكام ونصفه مبتور والآخر يصارع ليعيش في ظلم أبدي هنا التفكير معدم كليًّا وتصرفه هو الذي يحكم وسيستجيب له الطفل لا إرادياً.
هذا المشهد مرّ بذاكرتنا فهو مكرر، نحب أن تتنوع مشاهد التعذيب والمآسي والدمار !!،هناك مشهد ربما فريد من نوعه هما ينتظران مولدهم الجديد وهذا المشهد تحت الحرب ،وليس في فضاء الله الواسع تحت الحرب قذيفة فجائية سريعة هدمت البيت على أصحابه والأم في هذه الّلحظة طرحت مولودها ليعيش وتموت هيي فورًا بسبب استنشاق الغاز الزائد ونفص الاكسجين ،وعاش للحظات طفلها مغلق العينين لا يعلم ما الذي يجري ،وأنفه الصغير لم يستحمل الغاز فلحق أمّه بنفس المكان........ هذه المشاهد قتلتهم في ساحتهم وقتلت مشاعرنا في أماكننا !
الدمار الشامل والمآسي في حلب وريف دمشق ليست رواية تراجيدية مبتذلة إطلاقًا ،بل واقع يعيشونه بكافة التفاصيل وهذه الحرب التي لا يمكن تجسيدها بأي فيلم أو حتى مسلسل ،الأثر النفسي والجسدي والحسّي لدى هؤلاء الاطفال ستبقى عالقة في أذهانهم على مرّ الزمان العذاب الذي يعشونه معهم والتاريخ يحفظ ونحن لا ننسَ، أحيانًا بفكر بطريقة ربما تكون غبية بعض الشي ... لماذا لا يخبرون الأطفال والمدنيين بأن يهربوا بعيدًا قبل الدمار ؟! من باب الانسانية فقط ،ودائمًا الانسان هو الضحية
أردد "اللآجئون ليسوا أرقامًا على شاشة التلفاز، بل هم أشخاص كانت لهم حياتهم الخاصّة ،ولهم أحلام ومشاريع مستقبلية يصبون لتحقيقيها والحرب أخذتهم وأحلامهم قسم ،والآخر هجرتهم كرهًا مع ذاكرتهم البائسة".
Taqwa.alal88@gmail.com