مدار الساعة – محرر الشؤون السياسية - يواصل الاردنيون حراكهم وهو حراك مشروع احتجاجاً على سياسة الحكومة في رفع الاسعار واقرارها ضرائب هنا وهناك، ولكنهم يضربون المثل والرقي في خروجهم السلمي امام العالم ومنه المتربص بهذا الحمى العربي الذي يؤثر ناسه على انفسهم ولو بهم خصاصة.
هم الاردنيون على وجه الخصوص الحريصون كل الحرص على ان تظل امتهم بعيدة عن النزاعات والفتن ما ظهر منها وما بطن، فكيف بحرصهم على اردنهم الذي نهض به رجالاته الأوائل في سنين العسرة، وصبروا على الجوع والضنك وقدموا ارواحهم فداء لهم في زمن تخلى عنهم الصديق والشقيق.
واليوم وفي هذه المرحلة الصعبة من مراحل الوطن ، وكأن التاريخ يعيد نفسه والايام فيه تدور كحجر الرحى، لا تفرّق بين مخلص ومتربص،لتنزل النازلات لا قدّر الله وشاء، او تنتظر الفرصة، حيث الكثيرون من اعداء هذه الامة وهذا الوطن ينتهزونها بظروفها ويسّيرونها تنفيذا لمطامعهم.
ان ما يحدث من تضييق على الاردن، سياسياً واقتصادياً ما هو الا لإشعال الشرارة التي تسير في الهشيم وأكل الأخضر واليابس، ولكنكم انتم ايها النشامى المحتجون، ومعكم كل من قلبه مع الوطن والى جانب القابضين على الزناد من قواتنا المسلحة والاجهزة الرديفة، وبسلمية حراككم نستطيع جميعاً الحفاظ على مقدرات وطننا وتفويت الفرصة على كل من تسّول له نفسه العبث بأمننا واستقرارنا وتهديد حياتنا.
لا شك ان السياسات الحكومية تباطأت في تصحيح البرامج الاقتصادية، وان حكومات فشلت في ادارة شؤون الدولة في هذا المجال،وأن الشعب الاردني تحمّل الكثير الكثير وصبر، ولكن الحكومات تجيء وتذهب،ويظل الوطن بعون الله وبصمود وغيرة وانتماء أبنائه وحرصهم عليه كحرصهم على انفسهم الهدف الوحيد الذي لا نختلف عليه وان اختلفنا على أشياء كثيرة.
لا نريد في كل احتجاجاتنا وحراكاتنا ان نخرج على ثوابتنا الوطنية ولا على انفسنا في كلمة تمّس الوطن أو قيادته ومن عليه ومن يقوده او في سلوك يسيء لسمعتنا ووعينا وكرامتنا، فهذه ثوابت ايضاً، عاشها الاردنيون في وطنهم وخارجه ، وفي وقت المحن والجوع والحصار وعند النازلات التي ضربت الأمة.
ان التجارب السابقة التي سلكها الاردنيون وهم يرفعون الشعارات ويعبّرون بالحكمة والموعظة والكلمة المسموعة كلها كانت السبيل الى ان يتميز الشعب الاردني عن شعوب المنطقة، واتت في نهاية المطاف بثمار التصحيح، والحمد لله دون ان تراق قطرة قدم او يحدث ما حدث ويحدث من حولنا، فكونوا على نهجكم يا ابناء الوطن، وتأكدوا ان التصحيح قادم بعونه تعالى.