أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

قواعد اللعبة السياسية

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

السياسة لعبة جماعية مشتركة، لها أصولها و قواعدها و معاييرها و ضوابطها، وتتغير بتغير الظروف و الأحوال، و تتطور بتطور الخبرة البشرية، و تتراكم فيها الخبرة تراكما ايجابيا، و تنتقل من جيل الى جيل، و هناك تفاوت واسع و تباين كبير بين الشعوب و الأمم في التعامل مع هذه اللعبة التشاركية، بحسب قدرة المجتمعات على اتقان فن التعامل مع المشتركات و ادارة المصالح العامة.

المعيار الأكثر أهمية و الأعمق أثرا في استقرار المجتمعات و ازدهارها في اداء اللعبة السياسية يتمثل بامتلاك القدرة الجماعية على ادراك معنى «التوازن « بين الأطراف المتجاذبة في اللعبة؛ لأن فقدان التوازن في اللعبة اي لعبة يترتب عليه جملة من الاثار الخطيرة التي تهدد الاستقرار، و تمنع التقدم، و تطيح ببقية المعايير الأخرى؛ لأن اللعبة تصبح بلا معنى وبلا متعة، مثل اقامة مباراة كرة قدم بين فريقين، أحدهما : فريق كبير و عريق و متكامل و ذو خبرة و مكانة و مليء بالنجوم، وفريق اخر ضعيف و مفكك و بلا خبرة ولا تدريب و لا امكانيات، فتصبح اللعبة ضربا من العبث و لا تحقق أغراضها و لن تجد الاقبال و لا المتابعة ولا المتعة، و لن تستمر و سوف يكتب لها الفشل.

هذا المعنى، و ما يحيط به وما يدور حوله ينبغي ان يكون في تمام الادراك و الوعي لدى الحكومات في البلاد العربية؛ لأن الاصرار على التجاهل و عدم ملامسة المشكلة و عدم المسارعة الى الحلول و المعالجات، سوف يؤدي مرة أخرى الى الفوضى العارمة و سوف يؤدي الى مزيد من الانحطاط و التأخر، نتيجة فقدان الأمل لدى الشعوب و فقدان الفاعلية و الدافعية نحو العمل، و ليس هناك أكثر ضررا من سيطرة مشاعر اليأس و الاحباط العامة على المجتمعات البشرية التي سوف تؤدي بها الى فقدان معنى الحياة نتيجة انسداد الأفق أمام الأجيال بفعل الادارة المتسلطة المتفردة لشؤون الدول و الاستيلاء على مقدراتها.

واذا أردنا أن نفصل في ذلك على نحو أكثر وضوحا، فيمكن القول إن الذهاب الى انتخابات محسوبة سلفا تخلو من الحرية الحقيقية و تغيب فيها الارادة الشعبية، يؤدي الى قناعة شعبية راسخة بأنها عبارة عن قوالب شكلية تخلو من الروح و تخلو من الجدية و تخلو من المنافسة الحقيقية، فهذا يعني بكل تأكيد قتلا للروح المعنوية للأمة و امعانا في السير في طريق الفناء المحتم.

قواعد اللعبة السياسية في العالم العربي تحتاج الى اعادة تصميم و بناء جديد على مبدأ التوازن الحقيقي بين الأطراف المشتركة بحيث تصبح الشعوب طرفا فاعلا و مؤثرا و لاعبا حقيقيا، من خلال مشاركتها في اختيار الحكومات، و مشاركتها الفاعلة في ادارة مقدراتها، و تمكينها من الرقابة على اداء أصحاب المسؤولية، التي تعود على كل الأطراف بالاستقرار و الازدهار و لا تخص طرفا بعينه.

الدستور

مدار الساعة ـ