أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة أحزاب وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

هذا ما يريده الأردنيون

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

حين تغيب العدالة الاجتماعية يشعر الناس بالظلم، ويختارون لأنفسهم - بحسب طباعهم - وسائل للغضب والاحتجاج، بعضهم ينتقم من نفسه وبعضهم ينتقم من المجتمع، وبعضهم يتجاوز على القانون ويشهر عصيانه للمقررات والإجراءات، وبعضهم تتشكل لديه قابلية غريبة للاستسلام، فيتواطأ مع الواقع وينتظر الفرج من السماء.

لو سألتني: لماذا يتلكأ الناس عن دفع ضرائب المسقفات ولماذا يتهربون من واجباتهم الضريبية بأشكالها المختلفة، ولماذا لا يسددون فواتير الماء والكهرباء إلا مكرهين او خوفا من “قطعها”، ولماذا يلجأ الشباب في جامعاتنا وشوارعنا الى “العنف” ولماذا يضطرب مزاج الاردنيين حين يقودون سياراتهم فتتحول الشوارع الى ساحات صراع وحرب، ولماذا يصر البعض على “تصييد” غفلة الرقيب فيتجاوز على القانون، اي قانون، ولماذا يشعر “الصغار” بمتعة تكسير “المرافق العامة” او إلقاء الحجارة في الطريق، او بخدش وتجريح سيارات الجيران.. ولماذا ينتاب بعض الناس شعور “بالانتصار” على اوامر الدولة او المجتمع.

سأقول لك: اغلبهم يفعل ذلك ليعبر عن احتجاجه على الواقع: فمن لا يدفع الضرائب يعبر عن رفضه لمنطق القانون واحوال الناس وظروفهم، ومن يحاول ان يمارس العنف للانتقام من نفسه او مجتمعه فهو يعبر ايضا عن حالة من الظلم الاجتماعي.

اسوأ ما يمكن ان يشعر به الناس هو غياب “موازين العدالة الاجتماعية”، فالمواطن الذي يدفع معظم دخله للتعليم والطبابة والضريبة ثم يرى غيره “يهبش” آلالاف ويجد لديه مئة وسيلة لتعليم ابنائه في احسن الجامعات على حساب “جيب” المواطن، ومعالجتهم في افضل المستشفيات بلا وجه حق.. هذا المواطن غالبا ما يشعر “بالظلم” وتتولد لديه قناعة بعجز الحكومات عن انصافه،، وبالتالي فان ردّة فعله الطبيعية ستكون بعكس تجاه حركة القانون والمجتمع.

لكي نفهم لماذا يخرج الناس في الاطراف الى الشارع للاحتجاج، ولماذا تعلو “نبرة” الغضب على هتافاتهم، ولماذا “كسروا” كل الخطوط الحمراء، سأجيب بلا تردد: لأنهم يشعرون بالظلم والإجحاف وغياب العدالة الاجتماعية، وهم - بالتأكيد - لا يتوقعون ان يحصدوا مقاعد في البرلمان مهما كانت الانتخابات نزيهة، ولا مقاعد في الوزارة مهما كانت اسس تشكيل الحكومات مقنعة.. وانما يسعون الى استعادة العدالة الاجتماعية التي تعني:”العيش الكريم” “والسكن الكريم” والضرائب العادلة، والخدمات الاساسية التي تجنبهم مذلة السؤال وعوز الاستجداء والاسترحام.. والتي تعني ايضا احترام الطبقة الوسطى وعدم التغول عليها وسحقها، واقتلاع “الفساد” .

باختصار، الاردنيون المهمشون، ، يبحثون عن “العدالة الاجتماعية” وحين لم يجدوها اصبحوا يبحثون عن “العدالة السياسية” التي يمكن ان تعيد اليهم جزءا من حقوقهم .. واذا ما اردنا ان نبدأ الإصلاح الحقيقي فعنوانه القريب هو اشاعة العدالة الاجتماعية لتخفيف معاناة الناس واحساسهم بالظلم .. اما العدالة السياسية فهي العنوان الذي تبحث النخب فيه لاقتسام “الكعكة” على افتراض ان تعيد جزءا منها للناس.. لكن يبدو ان الكثيرين غير جاهزين لانتظار ما ستفضي اليه عودة العدالة السياسية... بانتخاباتها ومراسيمها الاخرى، ولهذا ما زالوا يخرجون الى الشارع لانتزاع “العدالة الاجتماعية” .. وهي تمشي على الارض، لا وهي تحلّق في الفضاء السياسي البعيد!

الدستور

مدار الساعة ـ