انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس الموقف مناسبات شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

قرش للرغيف وآخر للوردة !

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/22 الساعة 01:44
حجم الخط

ما أكثر الحكم الصينية والرؤى الشرقية لكن واحدة منها لا انساها على الاطلاق وهي القائلة «اذا كنت تملك قرشا واحدا فالرّغيف اولى به كي تسد الرمق وتبقى على قيد الحياة، لكن ما أن يتاح لك قرش آخر فلا تتردد في شراء وردة» وكأن وجهي الحياة والتاريخ والطبيعة ايضا هما قرشان؛ احدهما للضرورة والآخر للجمال والحرية .

مقابل ذلك المثل الصيني لدينا في موروثنا العربي مثل يقول القرش الأبيض لليوم الاسود، وكأن الايام السود التي نخاف منها هي فقط ايام الجوع، هذا بالرغم من القروش البيض كلها قد لا تنفع لنقطة سوداء واحدة من يوم مظلم!

واذا كان الانسان لا يعيش بالخبز وحده ما قال السيد المسيح فهو ايضا لا يعيش بالورد وحده، ولم نسمع يوما بأن هناك من طبخوا الورد كالبصل ومن المفارقات انه مرّ لهذا تعاف طعمه حتى الحيوانات، وقبل اعوام قليلة شاهدنا تلالا من الورد الذابل في غزة، والذي منعت اسرائيل تصديره بسبب الحصار، ورأينا الحيوانات تمضغه ثم تلفظه لأنها تفضل الشعير ونفايات الطعام عليه .

وأعرف حالات كان الناس فيها يفضلون اي شيء على الورد في شتى المناسبات، ويقولون انه يذبل ويموت وينتهي الى سلال القمامة وأفضل منه علبة حلوى او سلة فاكهة، ذلك لأن التعامل مع الورد يحتاج الى فائض من الاشباع اولا، ولأنه رمزي ولا يطبخ فهو ذو دلالات جمالية تتخطى عالم الضرورة الى عالم الحرية . لكن لماذا جعل الصينيون القدماء من القرش الثاني ثمنا للوردة فقط وليس لأي شيء آخر ؟ وهل ارادوا التعبير عن الجناحين اللذين يحلق بهما الكائن، وهما الحاجة والجمال .

هذه اسئلة لا نهاية لها ولا اجابات ايضا، لأن الجائع كما قال الشاعر طاغور يرى القمر في كمال البدر رغيفا لكنه قال ايضا ان لغروب الشمس ساعة الاصيل جماله سواء شاهدناه من نافذة قصر او من ثقب زنزانة !

وهناك بشر يجودون بأكثر من ذبح الحصان للضيف، منهم دافنشي الذي كان يستدين ليشتري الطيور الحبيسة في الاقفاص ثم يتمتع برؤيتها طليقة وتحلق عاليا !!

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/22 الساعة 01:44